مدونة روح اليوفي

في بداية العام الجديد..وفي يوم واحد تقريباً..تعرفت على فتاتين في ظروف مختلفة ..

كان وجه الشبه الوحيد ..ان ظروف لقائنا اتت صدفة ..وربما لن ارى احداهما بعد اليوم على الاطلاق..

اما اوجه الاختلاف بين فرات ووفاء فكانت مريعة!!

كانت فرات مثالا يحتذى في الاناقة والجمال ..سريعة البديهة ..ناضجة الفكر..غاية في اللطافة ..جريئة .. مستقلة اقتصادياً عن ذويها..تعمل في احدى الشركات الخاصة منذ سنوات..وتمت ترقيتها الى منصب كبير نظرا لكفائتها ..

ورغم انها اجتازت الثلاثين ..فقد اسرت لي بانها :"لا تفكر بشيء لا تملك القرار فيه " وتقصد الارتباط..

"كبريائي لا يسمح لي بأن اسأل شخصا احبه ماذا تريد مني؟؟او ماذا بعد؟؟"

لم على الفتاة انتظار حافلة لا موعد لها؟؟

لم نذيب شمعة عطائنا في انتظار شخص قد يحمل لنا كل الاسى؟؟

اقرت بانها سعيدة جدا في حياتها ورغم بعض لحظات الحنين الى الرجل والى الاطفال ..الا انها تبقى لحظات ..تعود بعدها الى العمل والطموحات..

شعرت ببعض الاسى لحال فرات..فهذه الانثى ينطبق عليها القول ..ناجحة في العمل..فاشلة في الحب..والرجل الشرقي يأبى ان تفرض الانثى شروطها بعد الارتباط..

اما وفاء فكانت في الثامنة عشر فقط ..وخطبتها بعد اسبوع..والغريب في الامر انها لم تر خطيبها قبل الآن !!واعترفت لي بان الحديث الذي دار بيننا لا تجرؤ على البوح لمخلوق به حتى لو كان امها!!

حدثتني عن التضييق الرهيب الذي تتعرض له.. وعن الشهادة الاعدادية التي رفض اهلها ان تقدمها..وان والدها سجنها لشهرين في غرفتها لمجرد ان سلمت على شاب بالجوار..

حدثتني عن احلامها البسيطة ..بيت في بستان ..تسكن فيه مع ذلك الرجل الذي لا تعرف حتى شكله ..

حدثتني بانها تكره العمل ..وستجلس خادمة لزوجها وستحبه بجنون ..

شعرت بكل الاسى لحال هذه الصغيرة..سيكون مصيرها كمصير الاف النساء السوريات..ممن يقبعن في ظلام المنازل..ولا يستشعرن النور الا باذن الفحول..

ربما لن ارى هاتين الفتاتين ابدا بعد اليوم ..ولكن اذا اتيح لي الاختيار..فسأختار رؤية فرات ..المرأة الناجحة ..التي ترفض انتظار حافلة قد لا تأتي ..والتي تقاوم تيار مجتمعنا الشرقي الجارف ..على رؤية وفاء ..التي استقلت اول حافلة نحو المجهول والتي استسلمت للتيار مبكراً ..كجثة هامدة..