منتديات شلة سوريا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
دخولأحدث الصوربحـثالتسجيلالرئيسية

 

 فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون SyriaC
مزاجك اليوم : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون 8010
المهنة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Broadc10
الهواية : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Empty
مُساهمةموضوع: فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون   فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Icon_minitime20/12/2008, 4:39 am

فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Al3qaad



فلسفة المتنبي


إن للمتنبي مذهباً خاصاً في الحياة. وقد يستغرب الواقفون عند
الظواهر نسبة الفلسفة إلى شاعر ولو كان من كبار الشعراء؛ لجهلهم حقيقة
الشعر والفلسفة معاً وظنهم أن الفلسفة لا تصدر إلا عن الفكر وحده مجرداً
من الخيال والعاطفة؛ وإن الشعر لا يصدر إلا عن الخيال والعاطفة بحتاً
مجردين من الفكر. ولقلة تفرقتهم بين الحقائق التي تقر في الروع وتنطبع في
البصيرة ثم تسلك سبيلها من العقل الباطن إلى العقل الظاهر فإذا هي موافقة
له غير مستعصية على براهينه وأنماطه، وبين الحقائق الذهنية الصرف التي
يدركها الفكر الظاهر ابتداء كما تدرك المسائل الحسابية والمعلومات
الاحصائية؛ وهي مما لا يستجيش احساسا ولا يحتاج إلى خيال.

والحقيقة أن الفكر والخيال والعاطفة ضرورة كلها للفلسفة والشعر مع اختلاف
في النسب وتغاير في المقادير. فلا بد للفيلسوف الحق من نصيب من الخيال
والعاطفة ولكنه أقل من نصيب الشاعر؛ ولا بد للشاعر الحق من نصيب من الفكر
ولكنه أقل من نصيب الفيلسوف. فلا نعلم فيلسوفاً واحداً حقيقياً بهذا الاسم
كان خلواً من السليقة الشعرية ولا شاعرا واحداً يوصف بالعظمة كان خلواً من
الفكر الفلسفي. وكيف يتأتى أن تعطل وظيفة الفكر في نفس انسان كبير القلب
متيقظ الخاطر مكتظ الجوانح بالاحساس كالشاعر العظيم؟؟ إنما المفهوم
المعهود أن شعراء الأمم الفحول كانوا من طلائع النهضة الفكرية ورسل
الحقائق والمذاهب في كل عصر نبغوا فيه. فمكانهم في تاريخ تقدم المعارف
والاراء لا يعفيه ولا يغض منه مكانهم في تواريخ الاداب والفنون، ودعوتهم
المقصودة أو اللدنية إلى تصحيح الذوق وتقويم الأخلاق لا تضيع سدى في جانب
أناشيدهم الشجية ومعانيهم الخيالية. هكذا كان شكسبير شاعراً ناطق الفكر
حتى في أغانيه الغزلية وهكذا كان جيتي وشيلر وهيني شعراء الألمان الادباء
الفلاسفة في استعدادهم وسيرة حياتهم وفيما يستقرى من مجموعة أعمالهم؛
وهكذا كان بيرون ووردزورث وسونبرن من الشعراء المجاهدين في أغانيهم
المغنين في جهادهم؛ وهكذا كان من قبلهم جميعاً دانتي اليجييري إمام النهضة
الايطالية بل هكذا كان كل شاعر عظيم في أية لغة وبين أي قبيل.

ونظرة واحدة في تاريخ آدابنا العربية تبين لنا صدق هذا القول وترد
الواقفين عند الظواهر إلى رأي أصح وأكمل في فهم الملكة الشعرية وتعرف
القرابة الحميمة بين السليقة والبديهة الموصولة بالفكر، فمن هم أكبر شعراء
اللغة العربية في رأي الأكثرين من النقاد والقراء؟؟ أليسوا هم بشارا وأبا
نواس ودعبلا وابن الرومي وأبا تمام والبحتري والمتنبي والمرعي والشريف
وبقية هذه الطبقة؟؟ فما مزية هؤلاء على الشعراء الآخرين من اضراب المجنون
وابن أبي ربيعة وابن مناذر والحسين بن ضحاك وحماد عجرد وغيرهم ممن حذا
حذوهم وغنى على ليلاهم؟؟ أهي قلة الفكر في شعرهم أم كثرته؟؟ أهي اقتصارهم
على المعاني الغنائية أم طرقهم لأبواب المعاني المختلفة وتوفرهم على فنون
القول المتشعبة؟؟ في دواوينهم جواب قاطع على هذا؛ وفحواه أنهم فاقوا أولئك
الشعراء بان كانوا أوسع منهم جوانب نفس وأجمع منهم لملكات الشعر والفلسفة
ومواهب الاحساس والتأمل وانهم أقدر على النظر فيما حولهم ممن نظروا في
ناحية واحدة فحسرت أبصارهم عن غيرها وداروا فيها طول عمرهم لا يتحولون
عنها.

والمتنبي على وجه خاص أولى من عامة شعرائنا (ماعدا المعري) بالنصيب الأوفى
في عالم المذهب والاراء. لأن الحقائق المطبوعة لا تكاد تقر في نفسه حتى
يرسلها إلى ذهنه ويكسوها ثياباً من نسجه. ويغلب أن يوردها بعد ذلك مقرونة
بأسباب معززة بحجبها على نمط لا يفرق بينه وبين أسلوب الفلاسفة في التدليل
الا طابع السليقة وحرارة العاطفة فتأمل قوله:

اذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير ... كطعم الموت في أمر عظيم



أو قوله:

اذا أتت الاساءة من لئيم ... ولم ألم المسيء فمن ألوم؟؟
والأسى قبل فرقة الروح عجز ... والأسى لا يكون بعد الفراق


ولا نزيد على هذا فاننا ربما نقلنا حكم المتنبي بيتاً بيتاً لو
مضينا في السرد إلى النهاية، فتأمل هذه الأبيات ألا ترى أنه قد قرن كل حكم
فيها بسببه أو بتفسيره وبإقامة الدليل الذي ينفي الغرابة عنه؟؟ أليس العقل
هنا مساوقا للطبع متأهباً لتعزيز حكمه وتسويغ نظره وتمحيض المساعدة الطيعة
السمحة له؟ فمذهب المتنبي في الحياة ثمرة هذا التزاوج بين طبعه وعقله
ونتيجة القدرة على استيعاب مؤثرات الحياة جميعها أو هضمها هضما تغتذي به
السليقة والذهن في وقت معاً. وهذه هي صيغة المذاهب التي تستنبط من أقوال
الشعراء وتحمل في أطوائها حجة الشعر والفلسفة التي تفتح لها منافذ القلوب
والعقول.



بعد هذا نسأل ما هو اذن ذلك المذهب الذي ذهب إليه المتنبي في
الحياة؟؟ وينبغي قبل الشروع في بيان ذلك أن ننبه إلى الفرق بين الكلام في
مصدر الحياة والكلام في سننها وصروفها؛ فإما الكلام في مصدر الحياة فقد
كان المتنبي حكيما في اجتنابه واغلاقه بابه؛ فأراح نفسه من الخلط والخبط
والقيل والقال وطاوع مزاجه العملي فنأى به عن الخوض في هذه المتاهات التي
لا تفضي إلى طائل ولا يحصل العقل من ورائها على حاصل. عالج فتح هذا الرتاج
في صباه على جدة من النفس وفراغ من الوقت وتعطش إلى الالمام بكل شيء
واستكناه كل سر كما يظهر في قصيدة الميمية التي نظمها في المكتب فأتعبه
فتحه ثم ما عتم أن مل هذا البحث الذي لا تسكن إليه نفس ولا يستمرئه طبعه
فأقلع عنه ونفض يديه منه ولعله أخذ حيناًً بمذهب القائلين بأن الانسان
ربيب هذه الأرض ووليد الزمن:

فهذه الأرواح من جوه ... وهذه الأجساد من تربه



ثم رأى الناس مختلفين في هذه القضية لا يتفقون "إلا على شحب والخلف في الشجب"


فقيل تخلص نفس المرء سالمة ... وقيل تشرك جسم المرء في العطب
ومن تفكر في الدنيا ومهجته ... اقامه الفكر بين العجز والتعب


وما له ولهذا الشجب العقيم وهذا التعب البور في نظره؟؟ فزوي
وجهه عن مباحث ما وراء الطبيعة وأبعدها إلى مؤخرة فكره وأبقاها هناك لا
يسمح لها بالبروز إلى واعيته والتحرك لاقلاق باله الا في الفترات القليلة
التي يغفى فيها طمعه وتفتر آماله، ثم تعود تواً إلى زاوية سجنها السحيق
حيث لا يزعجه اشتجارها ولا يشغله عن دنياه ضجيجها أو سرارها.



كلا: ليس للمتنبي صبر على هذه الفلسفات!.. إنما هو فيلسوف
الحياة سننها وصروفها وليس فيلسوف الحياة مصادرها ومصائرها. وفلسفته في
هذا الصدد بينه صريحة قريبة المنال متفقة الاجزاء لا تعقيد فيها ولا غموض
يمكنك تلخيصها في كلمات وجيزة هي: ان الحياة حرب ضروس علاقة الانسان فيها
بالانسان علاقة المقاتل بالمقاتل، فهو يركب سناناً من صنعه في كل قناة
ينبتها الزمان، وما المودة فيها الا حيلة من حيل الحرب أو هدنة في حومة
القتال؛ فاحذر الناس واستر الحذر! واياك أن تشكو إلى أحد أو تغرك دمعة باك
أو بشاشة مبتسم، إنك ان تشك إليهم بلواك تكن كالجريح الذي يشكو ألمه إلى
الرخم والعقبان؛ وان الذي يبكي بين يديك حين تظفر به لن يرحمك غداً حين
يظفر بك، والذي يبتسم لك ويبدي مودتك انما يداري الضعف والكيد بهذه المودة
ثم هو اذا تمكن من مقاتلك لن يرثى لضعفك ولن يقيل عثرتك. فاعلم أنك تنال
بالخوف في الدنيا ما لا تنال بالود وان من أطاق التماس شيء من أشيائها
غلابا واغتصابا لم يلتمسه سؤالا

انما أنفس الأنيس سباع ... يتفارسن جهرة واغتيالا !!


فكن كالموت الذي الذي لا يرثي للدمع ولا يروى من الدم، وقف
وسط هذه المعمعة وقفة من "لا يقترى بلداً إلا على غرر ولا يمر بخلق غير
مضطغن" فانما أنت حيث سرت بين أعداء يترقبون غفلتك ويتحينون فرصة ضعفك،
وماذا يحميك منهم غير الحيلة والبأس؟! وكيف تعيش بينهم بغير العدة
والسلاح؟ أتطنك تأوى منهم إلى عدل أو رحم أو تقوى؟ لا يا صاح! إياك
والاتكال على عدل الناس ورحمتهم وتقواهم!! إياك وهذه الغرارة والجهل في
معركة الحياة

فالظلم من شيم النفوس فان تجد ... ذا عفة فلعلة لا يظلم


والأصل في طباع الناس العدوان والغصب ثم جاء الحق والانصاف
خوفا من عدوان العادين وغصب الغاصبين. والناس يعتدون حتى يمنعوا فيعرفوا
بعد المنع ما يجوز لهم وما لا يجوز، وتأتي من ذلك الحدود والحرمات
والحقوق. ولكنهم لا يمتنعون بغير مانع ولا يعفون لغير علة.



هذا هو أصل الأخلاق عند المتنبي وهذه هي سنة الحياة في نظره.
حرب مستعرة لا راحة فيها ولا أمان. لا رحمة فيها ولا عدل. لا كلمة فيها
لغير القوة أو الحيلة التي هي نوع من القوة. حرب قائمة دائمة في السر
والعلن وبين الاصحاب والاعداء وفي صفوف الأقوياء والضعفاء. حرب ولكن فيم
ينبغي أن تخاض؟ أفي اللذة والسرور؟ أفي العلم والمعرفة؟ أدفاعاً عن النفس
وذوداً عن المال؟؟ كلا لا تخاض في شيء من ذلك ولكن في طلب العز والقهر
والسيادة. أو عملاً "بارادة القوة" ان شئنا أن نجعل لهذا المذهب القديم
صيغة من صيغ البحث الحديث. "والدنيا لمن غلب" ؛ وهذه هي شريعة الحياة.



والمتنبي لا يكره اللذة والسرور فهو يشتهيها ويحض عليها فيقول في أسلوبه المعتاد من النصيحة المبينة والحكمة المشفوعة بالحجة:

انعم ولذ فللأمور أواخر ... أبدا اذا كانت لهن أوائل
ما دمت من أرب الحسان فانما ... روق الشباب عليك ظل زائل


غير أنه يطلبهما بشرط؛ لأنه لا يراهما خير ما يطلب في الحياة. يطلبهما بشرط أن لا يعرضاه للذل ولا يصماه بالدنس:

ولا أقيم على مال أذل به ... ولا ألذ بما عرضي به درن


بل هو لا يستطيب اللذة التي لا تصحبها الكرامة ولا يجد معها التبجيل

فما منزل اللذات عندي بمنزل ... اذا لم أبجل عنده وأكرم


لهذا لا يستنيم للذة ولا يسلمها زمامه ولا يعطيها من نفسه غير ساعة ثم يمضي في شأنه الذي عقد العزيمة عليه

وللخود مني ساعة ثم بيننا ... فلاة إلى غير اللقاء تجاب


وهو لا يجهل ما يبتغي من الدنيا ولا يخفى عليه ما في بعد
الهمة من المكاره والعذاب، وان السيادة محفوفة بالمشقة من كل جانب، وان
صفو الحياة من نصيب العاجزين الغافلين أو الحالمين المتعللين، ينعمون في
الشقاوة بجهلهم ويشقى كبار النفوس في النعيم بعقولهم – لا يجهل شيئاً من
هذا الذي يبتلى به ذوو الهمم بل يعرفه ويقوله ويكرره كما لم يكرره شاعر
قبله ولا بعده؛ غير أنه مع كل هذا يبتغي المجد ويستقتل في طلبه؛ لا بل هو
يبتغيه ويستقتل فيه لأجل كل هذا وهو يقفو أثره حيث كان تلذذاً بالمغامرة
واستخفافاً بالعناء والنصب. اذ كانت نفسه تستريح إلى التعب وتتعب من
الراحة وتصح على العدو والاحضار وتفسد على السكون والرقاد . وهو القائل:

ذراني والفلاة بلا دليل ... ووجهي والهجير بلا لثام
فاني أستريح بذى وهذا ... وأتعب بالاناخة والمقام

...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون SyriaC
مزاجك اليوم : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون 8010
المهنة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Broadc10
الهواية : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون   فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Icon_minitime20/12/2008, 4:40 am


وصدق المتنبي فيما افتخر به، ولم يغالط ولم يبالغ ولا توخى
الاغراب في المعنى، فما من شيء في الحقيقة هو أضنى للنفس من قوة محبوسة
فيها لا تجد سبيلها إلى الظهور، وليس أروح لها وأجلب لسعادتها من اطلاق ما
تحويه من زيادة قوة وارسال ما يطمو بها من زاخر عزم ولو أصابها في ذلك ما
تتأذى به النفوس وتحرج له الصدور؛ ومن التعب المسقم ما يعتري الجسوم لتعذر
التعب المحبب إلى نفوسها وامتناع الطريق إلى الصراع الذي تهيأت له
طبائعها. فتضوى وتهزل اشتياقاً إلى ما يضوى غيرها ويهز له؛ ويداويها الطب
بما لا يشفيها فيحار فيها حيرة طبيب المتنبي الذي قال فيه:


يقول لي الطبيب أكلت شيئاً ... وداؤك في شرابك والطعام
وما في طبه أني جواد ... أضر بجسمه طول الجمام



ولك أن تعد المتنبي من طلاب اللذة إذا اعتبرت أنه – كما قال – يجد لذته
"فيما النفوس تراه غاية الألم" وأنه: يرى جسمه يكسي شفوفا تربه فيختار أن
يكسى دروعا تهده" ولكننا حينئذ نقول لغواً وهذ راً أو نحصل الحاصل ونخلط
بين المقاصد حين نقول: "ان النفوس تطلب اللذة" فان النفس لا يمكن أن تطلب
على هذا المعنى شيئاً إلا قيل أنه "لذة" ! فيصبح الشيء اللذيذ مردافاً في
كل ما تطلب وانها تساق أحياناً إلى ما تعلم فيه حتفها وسقوطها فتنساق إليه
على كره منها.


كذلك المال مطلوب في مذهب المتنبي وتدبيره واجب ورأيه في طلبه كرأيه في
اللذة، أي أنه يقدم عليه المجد وينصح بادخاره لأنه آلة المجد ووسيلته إليه
لا لذاته.


فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله ... ولا مال في الدنيا لمن قل مجده


أما العلم فالمتنبي يطلبه أيضاً ويطري المعرفة ويرفع الحكمة ويقول في بيت واحد

أعز مكان في الدنى ظهر سابح ... وخير جليس في الزمان كتاب


فيخيل إليك أنه يعدل العلم بالسيادة ويضعهما في موضع واحد من
الجلالة والوسامة، إلا أنك لا تلبث أن تستعرض أقواله الأخرى حتى يلوح لك
الموضع الذي يضع فيه العلم والحكمة وترى أنه لا يجعلهما غاية منشودة
لذاتها وانما يجعلهما واسطة إلى غايته من العزة والغلب والقهر. فأنت تقرأ
قوله

الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول ولها المحل الثاني
لولا العقول لكان أدنى ضيغم ... أدنى إلى شرف من الانسان


فتحسبه يقدم الرأي على الشجاعة عرفاناً لحق الرأي وترجيحاً
له على كل ما يدرك بالشجاعة. فلا يطول بك الشك في ذلك حتى تراه يقول على
الاثر:

ولما تفاضلت النفوس ودبرت ... أيدي الكماة عوالي المران


فكأن فضل الرأي الصائب الحكيم عنده هو كونه يبصر أيدي الكماة
بتدبير عوالي المران ويعين الشجاعة على مرادها. ثم ماذا يكون اذا اجتمعت
الشجاعة والرأي لانسان؟ يكون أنه يبلغ من العلياء كل مكان. فالعلياء هي
الغاية القصوى على كل حال.
وفصل الخطاب في هذا الأمر قوله:

حتى رجعت وأقلامي قوائل لي ... المجد للسيف ليس المجد للقلم
اكتب بنا أبداً بعد الكتاب به ... فنحن في دولة الأسياف كالخدم


فالرأي والمعرفة والحكمة والكتب والأقلام هذه كلها خدم المجد
والسؤدد وآلات الملك والاستعلاء. اذا وصلت بك إليها هي حسنة ميمونة واذا
قعدت بك عنها فهي قبيحة مشئومة "وبعض العقل عقال" وعندئذ يكون الجنون خيرا
من العقل والجهل أفضل من الحكمة!! أو قل أن الكتاب في رأي المتنبي هو
الجليس المسامر الذي يؤنسك وينادمك وليس بالسيد المطاع الذي يملك نفسك ولا
بالاستاذ الموقر الذي يسيطر على عقلك. فنعم الجليس هو كما قال ولكن بئس
السيد وبئس الاستاذ!! ولا غرو أن يكون هذا رأي شاعرنا في الكتب فان مزاجا
كمزاجه لم يخلق للنهم بالدرس والانكباب على الأخصاء وقضاء العمر بين الكتب
والدفاتر على ديدن المستبحرين من العلماء. وانما زاده من الدرس التبلغ
وشعاره فيه : "بحسب ابن آدم لقيمان يقمن صلبه!" أو يصح أن يكون شعاره قوله
هو نفسه:

أبلغ ما يطلب النجاح به الطبـ ... ـع وعند التعمق الزلل
***


والقوة أيضاً هي محك الأخلاق وبوتقة الفضائل . فما كان منها
قوياً أو صادراً عن قوة فهو محمدة فاضلة وما كان منها ضعيفاً أو صادراً عن
ضعف فهو مذمة مرذولة. كن حليماً ولكن مع القدرة اذ

كل حلم أتى بغير اقتدار ... حجة لاجئ إليها اللئام


وحازما ولكن في غير جبن. فان الجبن الذي يبدو في زي الحزم "خديعة الطبع اللئيم"
وحييا لأن الحياء من شيمة الأسد لا من شيمة الذئاب، فاذا ضيع عليك الحياء غنيمتك فاخلعه

فما ينفع الأسد الحياء من الطوى ... ولا تتقى حتى تكون ضواريا


وكن صابراً شديد العزم "لا تستتغيث إلى ناصر ولا تتضعضع من
خاذل" كي تعد نفسك لحمل نوائب الدهر والاضطلاع "باحداثه الحطم" ثم اعلم أن
"سيفك الصبر فلا تنبه" وان البر نقيضه الخوف واذن "يدخل صبر المرء في مدحه
ويدخل الاشفاق في ثلبه"
وكن كريماً ولكن ممن يقال فيهم

هم المحسنون الكر في كل غارة ... وأحسن منه كرهم في المكارم


أو ممن يقال فيهم:

هزمت مكارمه المكارم كلها ... حتى كأن المكرمات قنابل


لأن الكرم انما يحمد ممن يعطي من فيض أيده وقدرته ومما يطفح
به معين شجاعته وسعة ذرعه – يحمد ممن يترفع عن المحاكاة في كرمه "فما يفعل
الفعلات الا عذاريا"، ومن السيد الفطن الفعال لما يشق على السادات، لا من
وارث تجهل يمناه ما يصنع ولا "كسوب بغير السيف سآل"
وكن صادقاً صدق من يقدم بصدقة على المخاوف ولا يبالي أن يكون سره كعلنه:

القائل الصدق فيه ما يضربه .... والواحد الحالتين السر والعلن


وكن قانعا اذا دان لك المجد واتسق لك الذكر فانما

ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته .... ما فاته وفضول العيش أشغال

اما اذا فاتك الذكر والمجد فالقناعة حوب وعار والرضى بالقليل فاقة في اليد والفؤاد. فقل مع المتنبي:

ليس التعلل بالامال من أربي ... ولا القناعة بالاقلال من شيمي


أو قل معه:

وفي الناس من يرضى بميسور عيشة ... ومركوبه رجلاه والثوب جلده
ولكن قلباً بين جنبي ماله ... مدى ينتهي بي في مراد أحد


وهذا الشاعر المفتون بالقوة كثيراً ما يتغنى بالوفاء
والامانة والحفاظ ويمدح هذه الخصال في جميع من يمدحهم. ولا نستغرب ذلك
فالحقيقة ان الامانة – ويدخل فيها الوفاء وحفظ العهد – من أجمل صفات القوة
ولفظها في العربية يشير إلى ذلك، فان الامون هو القوي والحصن الأمين هو
المكان الذي يأمن الانسان في حماه لمنعته وقوته. ولفظها في اللغات
الافرنجية مشتق من الشرف والعلو، فهي من قديم الزمن صفة رفيعة كريمة.



والمتنبي كان وفيا يخلقه كما كان وفيا بكلامه ومذهبه يدل على
ذلك صفحه عن أبي العشائر الذي ألحق به بعض خدمه لاغتياله ليلا: وقيل أن
ذلك كان برضى من سيف الدولة أو بإيعاز منه. فرماه أحدهم بسهم وناداه: "خذه
وأنا غلام أبي العشائر" فغفرها له أبو الطيب وأغضى عن يد سيف الدولة في
هذه المكيدة وقال متجملا

فان يكن الفعل الذي ساء واحداً ... فأفعاله اللائي سررن ألوف


ومن وفائه رثاؤه لابي شجاع في ثلاث قصائد ذلك الرثاء الذي لا
يقرأه قارئ فيخامره شك في حزنه وحفظه للجميل حتى بعد موت صاحبه. وأنه لم
يهج سيف الدولة كما هجا كافورا؛ بل كان يغالب حنينه إليه وأسفه على فراقه
مع أنه فارق سيف الدولة مضروباً موتوراً ولم يفارق كافوراً الا باختياره..
دع عنك لهجه بالوفاء وقوله عن نفسه أنه خلق الوفا "لورد إلى الصبا لفارق
الشيب موجع القلب باكياً" ودع أنه عرف بالمداجاة والتقية في معاشرته للناس
حتى لقد ترك الخضاب وأبى أن يستر شيبه "من هوى الصدق وعادته، وعاف كل جمال
مموه وأحب جمال البدويات اللاتي ما عرفن "مضغ الكلام ولا صبغ الحواجب"
واشتد بغضه وتيهه على كل "جاهل متعاقل" إلى غير ذلك من الأقوال والمأثورات
التي تشهد في جملتها شهادة حق أن الرجل كان مطبوعاً على الوفاء والصدق
والصراحة، ولم يكن يكذب في كلامه أو عمله إلا تكلفاً واضطراراً. فليعذر في
هذا "فمدفوع إلى السقم السقيم"

وقد أباحك غشاً في معاملة ... من كنت منه بغير الصدق تنتفع


ولكي يبين لك حب أبي الطيب انظر إلى قوله في هجاء ابن كيغلغ:

وتراه أصغر ما تراه ناطقا ... ويكون أكذب ما يكون ويقسم


ثم إلى قوله فيه:
منه تعلم عبد شق هامته ... خون الصديق ودس الغدر والملق
وحلف الف يمين غير صادقه ... مطرودة ككعوب الرمح في نسق

فهل ترى أن الهجو بحلف الايمان الباطلة في موضعين من قصيدتين مذمة
من تلك المذام التي يختلقها الشعراء اختلاقاً أم ترى ان الشاعر انكر خلقاً
موجوداً في المهجو وقدح في عادة بغيضة إليه؟؟ ولقد أخطر الرجل حياته ومات
ليكون فعله كقوله وحكمه على نفسه مصدقا لحكمه على غيره كما ذكر الرواة في
سبب موته؛ ولا يكون هذا عمل رجل يستسهل الكذب ويرسل كلامه من طرف لسانه.
على أننا لا نثبت حب أبي الطيب للصدق لانا نريد أن نحاسب الفيلسوف الخلقي
برأيه ونختم عليه العمل بمذهبه فان القول برأي شيء والعمل به شيء آخر،
ولكننا رأينا التوافق بين خلقه ومذهبه واضحاً فاستطردنا لنؤدي لشاعرنا هذه
الشهادة الواجبة له على قرائه.
***


فمن هذا ومما سبق ايراده يظهر لنا جماع مذهب المتنبي في غاية الحياة وأصل
الأخلاق والفضائل. فالسيادة هي غاية الحياة والقوة هي أصل الأخلاق
والفضائل والمحور الذي تدور عليه المحامد والمناقب. وهو يحيط بأمور كثيرة
في شعره ولكنه يطبعها جميعاً بهذا الطابع ويردها بلا استثناء إلى مقياسه
هذا الذي لا يتغير في قصيدة عن قصيدة ولا في بيت عن بيت. ولا يسع أحداًَ
بعد الأبيات المطردة والأمثلة المتواترة التي سقنا بعضها هنا والتي لم تأت
عفواً ولا فلتة ولا انتحالاً الا أن يذكر نظائرها من فلسفة فردريك نيتشه
نبي دين القوة في العصر الحديث، وان يميل إلى المقابلة بين هذه الاراء
المتماثلة المتفقة في مذهب الشاعر العربي ومذهب المفكر الالماني. وهذا ما
عولنا عليه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون SyriaC
مزاجك اليوم : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون 8010
المهنة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Broadc10
الهواية : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون   فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Icon_minitime20/12/2008, 4:40 am

فلسفة المتنبي وفلسفة نيتشه

ألمعنا في ختام المقال السابق إلى التقارب الظاهر بين المتنبي ونيتشة فيما
قرراه من أصول الأخلاق وغاية الحياة. والحق أن هذا التقارب من مصادفات
الآداب العجيبة. فإن آراء شاعرنا وآراء المفكر الألماني تتفق في مسائل
كثيرة اتفاقاً توأمياً لا نعلم أعجب منه اتفاقاً بين نابغين مفكرين ينتمي
كل منهما إلى قوم وعصر وحضارة ولغة غير التي ينتمي إليها الآخر: تتفق في
مقاييس الحياة وقيم الأخلاق وصرامة العبارة وتفاصيل وجزئيات شتى مما يتفرع
على هذه الأصول. ووجهة النظر على الأقل متحدة في كل ما نظم الشاعر وخط
المفكر من المعاني الخاصة والعامة، فمن قرأ المتنبي ثم قرأ نيتشة لا بد أن
تكر الذاكرة به إلى كثير من أبيات المتنبي ووقائع حياته كلما قلب الطرف في
صفحات نيتشه من رأي إلى رأي ومن خطرة إلى خطرة؛ ولا بد أن يشعر وهو ينتقل
من أحدهما إلى الآخر أنه ينتقل في جو واحد وبيئة واحدة وأن اختلفت في
الجانبين بعض المعالم والأوضاع، وكم من مرة وقفت على سانحة بارعة أو حكم
صارم من سوانح نيتشه وأحكامه لأصغي في نفسي إلى أبيات مثلها للمتنبي تنطلق
فجأة من مكامنها في الذاكرة كأنما قد فتح لها الباب الذي دخلت منه أول مرة
لاستقبال ضيف جديد من فصيلتها!! فلولا أننا نرى جذور فلسفة نيتشة سارية
أمامنا في منابتها ونعرف علاقتها بما تقدمها من الفلسفات وما أحاط بها من
المؤثرات لقلنا أن المتنبي غير مجهول عند نيتشه وأن هذا المستشرق اللغوي
الذي كان معنياً في بادئ حياته بلغات الشرق قد عرف المتنبي في بعض ترجماته
إلى الألمانية أو الفرنسية أو اللاتينية... ألم يكن نيتشه يدرس العبرية
ويعنى على التبع بأخواتها اللغات السامية؟؟ ألم يكن المتنبي مترجماً إلى
كثير من اللغات الأوروبية في إبان اشتغال نيتشه بالدرس والمذاكرة؟؟ ولكه
احتمال من الاحتمالات التي تعن للذهن ولا يري موجباً لاقصائها والبت
ببطلانها، فلا نزيد في ترجيحه على هذا الحد.

****

فمن قرأ المتنبى ثم قرأ نيتشه لا يسعه أن ينسى الأول حين يقرأ للثاني قوله
فيما هو حسن عنده وما قبيح من الاداب في كتابه "إرادة القوة"

"ما الحسن؟ كل شيء ينمي في النفس الشعور بالقوة. إرادة القوة. القوة نفسها في الانسان"
"وما القبيح؟ كل شيء يصدر عن الضعف"
"ما السعادة؟ هي الشعور بأن القوة نامية وأن العقبات مذللة"
" فلا قناعة بل مزيد من القوة. ولا سلم بل حرب ولا فضيلة بل شجاعة"


أو حين يقرأ قوله في "هكذا تكلم زاردشت"

"أحبوا السلم كوسيلة إلى الحرب والسلم القصير خير من السلم الطويل"
"لا أقول لكم اعملوا بل قاتلوا. لا أوصيكم بالسلم بل بالنصر. فليكن كل عملكم كفاحاً وليكن كل سلمكم نصراً"
"انكم تقولون إن الغاية الحسنة هي الجديرة بأن تقدس كل شيء حتى الحرب! فأقول لكم: إن الحرب الحسنة هي التي تقدس بكل غاية"
"الحرب والشجاعة قد صنعتا للناس مالم يصنعه الاحسان. وشجاعتكم لا عطفكم هي التي أنقذت المغلوبين"


ومنذ الذي يعرف قول المتنبي:

ومن طلب الفتح الجليل فإنما *** مفاتيحه البيض الدقاق الصوارم

أو قوله في هذا المعنى:

أعلى الممالك ما يبنى على الأسل *** والطعن عند محبيهن كالقبل

أو قوله:

إذا لم تجزهم دار قوم مودة *** أجاز القنا . والخوف خير من الود

ثم تغيب هذه الأبيات عن باله حين يقرأ قول نيتشه في منشأ الحكومة من كتاب أصل الأخلاق:

" مما هو جلي بنفسه أن الحكومة إن هي إلا
جماعة من ذوي النفوس الضارية من أبناء العناصر المتأمرة الغلابة الذين
تدربوا على الحرب والتدبير فلا يحجمون عن حط مخالبهم على أي ملأ يصادفونه
من الأقوام الهائمين بغير قرار ولا نظام فيخضع لهم هؤلاء وإن كانوا أكثر
منهم عدداً. هذا هو منشأ الحكومة على الأرض. أما تلك الفكرة الحمقاء التي
ترجع بها إلى الاتفاق والتعاهد فأحسبها مفروغاً منها. فالرجل القادر على
السيطرة المخلوق للسيادة الذي يبدو العنف من أعماله وهيئته ماذا يعنيه من
الاتفاقات؟ إن أمثال هذا لا يناقشون. إنهم يطلعون طلوع القضاء بلا عله ولا
عذر ولا تمهيد. إنهم كالبرق الخاطف أرهب وأوحى وأقوى حجة وأشد مخالفة
للمعهود من أن – نعم حتى من أن تحوك الكراهية لهم في النفوس!"


أم منذا الذي يعرف قول المتنبي:

إنما أنفس الأنيس سباع *** يتفارسن جهرة واغتيالا

وقوله:

وكن على حذر للناس تستره *** ولا يغرك منهم ثغر مبتسم
ولا تشك إلى خلق فتشمته *** شكوى الجريح إلى الغربان والرخم


أو قوله فيما يقرب من هذا:

الذل يظهر في الذليل مودة *** وأود منه لمن يود الأرقم

وكثيراً مما ينحو هذا المنحى من أبيات المتنبي ثم لا تبادر هذه الأبيات أو
ما في معناها إلى فكره حين ينظر في قول نيتشه في كتاب الفجر عن الأخلاق في
عالم الحيوان "إن الأصول التي تتشدد البيئات المهذبة ف مراعاتها كاجتناب
ما يبعث السخرية والترفع عن البرقشة وإخفاء مزايا الإنسان وكتمان عوزه
وضروراته الماسة وخضوعه لأحكام الظرف والكياسة المصطلح عليها – كل أولئك
يمكن أن يشاهد على الجملة في ادنى أنواع الحيوان أو يقابل عندها بما
يناسبها من قواعد الكياسة الغريزية المكونة في طبائعها؛ وإذا شئنا أن نهبط
إلى أساس بنائنا الخلقي فالبحث عنه إنما يكون في رسمه الأول الذي أودعته
الفطرة طبائع الحيوان. فأما أساسها فالتودد المقرون بالحذر وقوامها الرغبة
في النجاة من الأعداء والتماس المعونة على الفتك والاعتداء. ومن هذا
الاحساس الباطن يتعلم الحيوان كيف يضبط نفسه ويتصنع اخفاءها؛ حتى أن منه
ما يتخذ لجلده لوناً يأتلف مع ألوان ما يحدق به (وهو ما يسمونه وظيفة
التلون). ومنه ما يتماوت أو يتشكل بشكل حيوان آخر ولونه ويماثل الرمال أو
أوراق الشجر أو العشب أو الاسفنج (وهو ما يسميه الطبيعيون الانجليز بوظيفة
التقليد) ولا يخرج الأدب الإنساني عن هذه الفطرة. فإن الفرد ينضوي تحت اسم
نوعه العام ويكيف نفسه كما يوافق من يتصل بهم من الأمراء والبيئات
والأحزاب، أو يجري مع تيار الأفكار في عصره ويلائم ما يحدق به من الأطوار
والأحوال.
"وليس أيسر علينا من أن نراقب هذه القدرة في الحيوان. فإننا وإياه سواء في
حذق هذه الوسائل التي تكسبنا السعادة والشكر وتظهرنا بمظهر نشترك في إدراك
معنى الحق. وما لحق في لبابه إلا مظهر حاسة التحفظ والرغبة في الأمن
والتقية. فنحن نأبى أن يخدعنا غيرنا أو ننخدع لأنفسنا بالباطل ونتوجس من
إغراء عواطفنا ثم ننظر بعين الحذر والحيطة إلى ميولنا، وكذلك الحيوان،
فإننا إذا راقبناه ألفيناه يفعل كما نفعل ووجدنا هذه الحيطة أو ضبط النفس
صادرة فيه من نفس الشعور الذي تصدر عنه في الانسان وأعنى به الحزم.
"... فإذا تذكرنا أن الانسان الراقي لم يتقدم في هذه الغرائز إلا في
انتقاء أجود الطعام والتوسع في فهم آفات بقائه لا نكون قد تجاوزنا الصواب
إذا قلنا أن أخلاق الإنسان ليست إلا نسخة مهذبة من أخلاق الحيوان".


يتبع..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون SyriaC
مزاجك اليوم : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون 8010
المهنة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Broadc10
الهواية : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون   فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Icon_minitime20/12/2008, 4:42 am


.
أما رأي نيتشه في التعلم والتزود من المعرفة فقريب من رأي المتنبي. يقول نيتشه "ليست المعرفة الغريزة شرطاً ضرورياً للتهذيب ولا هي من علامات وجوده" ويهتف بقول جيتي: "أكره كل ما يعلمني دون أن ينمي نشاط نفسي أو يجتثه"
وهو يشبه الاخصائيين باعضاء مفرطة الكبر تنمو نمواً شائهاً فتسقم بقية
الأعضاء. ومن صوره المضحكة صورة الأذن التي لقيها سائرة على القنطرة فتفرس
فيها فإذا هي إنسان هزيل ضئيل يحمل أذناً كبيرة تغطي جرمه وتثقل جسمه!!
والمتنبي إن لم يكن قد توسع في هذا الرأي ونظر فيه بهذه العين فهو في
الواقع قد نهج في طلب المعرفة منهجاً يرضى ويستصوب من الوجهة التي نظر
إليها نيتشة. ولعلنا نوضح حقيقة نظر المتنبي إلى المعرفة بأبيات له نظمها
في وصف كتاب لابن العميد جعل الشاعر كلماته كالأسود المفترسة فقال بعد
بيتين:

فأخرق رائيه ما رأى *** وأبرق ناقده ما انتقد
إذا سمع الناس ألفاظه *** خلقن له في القلوب الحسد
فقلت وقد فرس الناطقين *** كذا يفعل الأسد ابن الأسد



قال الواحدي: ولو خرس المتنبي ولم يصف كتاب أبي الفتح ابن العميد بما وصف
لكان خيراً له... وكأنه لم يسمع قط وصف كلام! وأي موضع للأخراق والابراق
والفرس في وصف الألفاظ والكتب؟؟ هلا احتذي على مثال قول البحتري في قوله
يصف كلام ابن الزيات:

في نظام من البلاغة ما شك *** امرؤ أنه نظام فريد
وبديع كأنه الزهر الضا *** حك في رونق الربيع الجديد



إلى آخر الأبيات. وصحيح أن أبيات البحتري أجمل وأعذب وأصفى ديباجة وأندى
موقعاً ولكن أين البحتري من المتنبي؟؟ أبيات المتنبي أشبه به وأوفق له،
وهو خير ما يصف به الكتب رجل مثله يريد أن ينتضي من كل شيء سلاحاً ويهيج
من كل خاطر أجمة مسبعة ويشهر من كل عدة قوة وبأساً حتى من القلم والدواة.
وهكذا يمدح كتاب الوزير الذي أبلغ ما يقال في وصف بلاغته أن أقلامه عدة من
عدد الدولة تنوب لها عن السيوف وتغنى في مدافعة أعدائها ما قد يغنيه
الكماة الأسود!! وهذا موضع الاخراق والابراق والفرس والقيامة التي أقامها
المتنبي حول كتاب ابن العميد وأجفل منها الواحدي رحمه الله.
***

على أننا نعتقد أن المتنبي قد سبق نيتشه إلى أخص آرائه التي اشتهرت بها
فلسفته وانفردت بها بين الفلسفات الخلقية الأخرى. فنيتشه مشهور بين أصحاب
الدعوات الخلقية بتقسيمه الأخلاق إلى طرازين: أخلاق السادة وأخلاق العبيد،
ودعوته إلى قياس كل من هذين الطرازين بمقياس يختلف عن مقياس الآخر. قال في
كتابه وراء الخير والشر: "هناك
آداب للسادة وآداب للعبيد. ونضيف على الفور أن المدنيات العالية المتداخلة
تميل أحياناً إلى المزج – تنافراً وارتباكاً بينهما حتى في الانسان الواحد
في السريرة الواحدة. ولنعلم أن قواعد الآداب قد تولدت إما في طبقة حاكمة
تغتبط بما تحسه من التفاوت بينها وبين المحكومين، أو في طبقة المحكومين
وهم العبيد والعالة من جميع الطوائف؛ ففي الحالة الأولى يملي الحاكمون
معنى الخير فيكون الزهو والعزة سمة الأخلاق والمميز بين الأقدار
والأطواق...
وليلاحظ حينئذ أن النقيضين الطيب والشرير فإنهما من معدن آخر".

والمتنبي كان يلحظ البون الواسع بين أخلاق الأحرار وأخلاق العبيد في كل موضع يفرق فيه بين خلق مجيد وآخر شائن. فاسمع أولاً قوله:

العبد ليس لحر صالح بأخ *** لو أنه في ثياب الحر مولود


ومن قبيله ولكنه أظهر منه للتقسيم هذا البيت:

وما في سطوة الأرباب عيب *** وما في ذلة العبدان عار


أليس هذا قضاء صريحاً بالتفريق بين أخلاق السادة وأخلاق العبيد حتى لا
يعار الذل على هؤلاء لأنه من شأنهم ولا يعاب السطو من أولئك لأنه من
حقهم؟؟ ثم اسمعه اذ يقول:

اذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
فوضع الندى في موضع السيف بالعلا *** مضر كوضع السيف في موضع الندى



وهو معنى كرره في موضع آخر فقال:

والغنى في يد اللئيم قبيح *** قد قبح الكريم في الاملاق


وأذكر أن كلمة الئيم في عامة شعر المتنبي بمعنى العبد أو الوضيع ثم انظر
ألست ترى هنا تفصيلاً لمقياس الأخلاق واثباتاً لاختلاف الكيل الذي يجب أن
يكال به لكل طراز من الناس وتباين الحقوق والمنازل التي يجدر أن يعطاها
الكرام واللئام أو الأحرار والموالي؟؟ ولقد كان المتنبي لا ينعي على عصره
شيئاً كما كان ينعي عليه تشابه الأخلاق وتقارب المساعي بين السادات
والعبيد والقادرين وغير القادرين. ومن ذلك قوله بعد أن قال أنه يأنف من
أخيه لأبيه وأمه اذا لم يجده كريماً:

ولم أر في عيوب الناس عيبا *** كنقص القادرين على التمام

وقوله:
تشابهت البهائم والعبدى *** علينا والموالى والصميم


ومنه قوله في الدالية قبل البيتين الآنفين: "ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا؟!" وبيته الذي يعرض فيه بسيف الدولة ويهجو كافورا:

وذاك ان الفحول البيض عاجزة *** عن الجميل فكيف الخصية السود


فلو أن نيتشة كان شاعراً عربياً لما فصل غرضه من التفريق بين أخلاق السادة
وأخلاق العبيد بأوفى من هذا التفصيل. وليس يقدح في صحة شعور المتنبي
بالفارق بين ذينك الطرازين من الأخلاق ما فرق به العرب قبله بين "شيمة
الحر وشيمة العبد" فإنك تستطيع أن ترى مصدر التمييز بين الخلقتين في طبيعة
المتنبي وهجسات نفسه وبدوات مزاجه ولو لم يسبقه إلى شيء من ذلك أحد من
قالة الحكم والأمثال.
والمتنبي كصاحبه يأنف من المساواة ويأبى أن يقف دون النهايات من الفضائل
والمراتب. فنيتشة يعد المساواة ظلماً ويرى العدل أن تختلف الأقدار بين
الناس ويفرض على الانسان أن يفوق نفسه ويتخطى أفقها إلى أنفق أعلى منه على
الدوام. والمتنبي يحتقر أن يرضى بالحظ الجليل اذا ساواه فيه من هو دونه
ويأبى الصيد الشهي اذا تلاقت عليه كرام الطير وبغائها

وشر ما قنصته راحتي قنص *** شهب البزاة سواء فيه والرخم


فليس الحظ الجليل هو بغيته وأمنيته وإنما العلو وبذ الأقران ما يبتغيه
ويتمناه ، وهو قد يؤثر الموت على حياة يشاركه حساده في انصبائها

وما موت بأبغض من حياة *** أرى لهمو معي فيها نصيباً

ولكن...
هو الجد حتى تفضل العين أختها *** وحتى يصير اليوم لليوم سيدا


اتفقا أيضاً في أنهما مبدعان لا تبعان في الأخلاق والأقدار. أي أنهما ممن
يقيسون الأخلاق ويقدرون المنازل لأنفسهم ولا ينتظرون أن تقاس أو تقدر لهم
على الرغم منهم، فيكونوا فيها ذنباً مقتدياً بوضاعها ومروجيها ويجري عليهم
ما يجري على غيرهم، فيقول نيتشه: "لا
الذوق الجميل ولا الذوق الفصيح! بل ذوقي أنا.. ذلك الذي لا أخجل منه ولا
أداريه" ويقول "إن الطراز النبيل من بني الانسان يعتبر نفسه حكماً في
تقويم القيم ولا يحتاج إلى تقويض فيها أو تأمين عليها. فهو يرى السوء ما
يسوءه هو ويعلم أنه هو الذي يخلع الشرف على الأشياء. إنه خلاق مبدع للقيم
والمعايير"
والمتنبي يشرط على السيد أن يترفع عن المكارم التي كان لها زوج قبله "فما يفعل الفعلات إلا عذاريا" ويفتخر بنفسه فيقول:

أنا الذي بين الاله به الاقد *** ار والمرء حيثما جعله
جوهرة تفرح الشراف بها وغصة لا تسيغها السفله



بل هو يجعل الفخر مفتخراً به لأنه انتسب إليه:

فخر لعضب أروح مشتمله *** وسمهري أروح معتقله
وليفخر الفخر ان غدوت به *** مرتدياً خيره ومنتعله !!



فالمتنبي إذن "معين للأقدار" بمعناه الذي أراده. وهو كما جاء في عبارة نيتشة "خلاق مبدع للقيم والمعايير".




يتبع
فلسفة المتنبي – بين نيتشة ودارون
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون SyriaC
مزاجك اليوم : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون 8010
المهنة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Broadc10
الهواية : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون   فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Icon_minitime20/12/2008, 4:42 am

فلسفة المتنبي – بين نيتشة ودارون

لقد وفق المتنبي توفيقاً جميلاً بين دارون ونيتشة في تعليل بواعث الأخلاق
ومصادر الفضائل. فدارون يحسب أن حفظ الذات أو إرادة الحياة هو مرد الأخلاق
والصفات النفسية الحسن منها والقبيح على حد سواء. ونيتشة يسترذل هذا الرأي
ويسخر منه ويزعم أنه وليد العوز والخصاصة التي عودت دارون أن يقنع بأن
يعيش وألا يتطلع إلى ما فوق الأمن والكفاف. وعنده أن الباعث الأول إلى
الفضائل الشريفة والأخلاق الرائعة الكريمة هو "ارادة القوة" وهوى المجد
الهادي إلى كل خلق نبيل والنافي لكل خلق وضيع ذليل.
تعليلان يختلفان في ظاهر الأمر وباطنه كما ترى اختلاف العمل الذي يبعث
إليه تحاشي العدوان من الغير عن العمل الذي يبعث إليه توخي العدوان على
ذلك الغير.
فهما جد متباعدين، ولا مناص لك ان أخذت بأحدهما أن تنبذ الآخر أو تضيف
إليه ما يكمله ويسنده. أما الجمع بينهما فكالجمع بين المتناقضات، ومحاولة
ذلك دليل على سوء فهم لكل من التعليلين وقلة إدراك للنتائج البعيدة التي
ينتهي إليها تعليل مصادر الفضائل بحب المحافظة على الحياة أو بحب المحافظة
على السيادة والسلطان. أتكون الفضيلة وليدة القناعة بأيسر ما يترك لك
المزاحمون من سؤر الحياة في دعة وسلام أم تراها تكون وليدة الطمع في أرفع
ما ينال بالسطو والكفاح؟
على هذا اختلف دارون ونيتشة ومن هذا يظهر لك مدى الفاصل بين من يدين
بالمحافظة على الحياة ويقف عندها وبين من يدين بالمحافظة على القوة وهو
يجعل الحياة سلماً يرتقي عليه إلى ذلك الأمل.
ولما عرضت لدارون صعوبة تعليل الفضائل التي تهجم بصاحبها على الموت وتكدر
عليه صفو الحياة القى "حفظ الذات" دانباً واخترع لنا حفظاً آخر هو "حفظ
النوع" ليعلل به اقدام المرء على الهلاك واجتراءه على ما فيه اتلاف جسمه
واعنات نفسه.. وحسن حفظ النوع هذا لتسهيل المخلص من هذه الورطة.. حسن إلى
أن تسأل بعد ذلك: أليس للنوع غاية تتراءى على وجه ما في أخلاق الأفراد؟؟
فما هي يا ترى تلك الغاية؟؟ ثم لك أن تسأل حين تتعارض السيادة والقناعة
فيما يدور عليه حفظ النوع من أخلاق الأفراد أي الخصلتين أشرف وأكمل وأيهما
أدعى إلى ابتعادنا عن مواطن الضعة والجمود واقترابنا من ذلك الشأو المجهول
المقدور لنوع الانسان؟؟ اتبتعد أنواع المخلوقات عن الدرك الذي كانت فيه
وتقترب من الشأو الذي تسعى إليه بالحرص على الحياة أم بالحرص على شيء أفضل
وأسمى من الحياة؟؟ إن على دارون أن يقول كلمة لا تزال ناقصة بعد كلمته
التي قالها في حفظ الذات وحفظ النوع، أما نيتشة فقد أبرأ ذمته بتلك الكلمة
الوجيزة العائرة فلا يطالب بعدها ببيان ولا هو ممن يجيبك أو يصغي إليك إذا
سألته البيان!

والمتنبي ما رأيه في هذا الخلاف؟؟ قلنا أنه وفق توفيقاً جميلاً بين دارون
ونيتشة، فلنقل الآن أنه أرضى دارون ولم يغضب نيتشة لأنه قد ألف بين إيثار
الحياة وإيثار السيادة في وسط الطريق وأبطل التناقض وأزال الخلاف لأنه قال
لنا أن كل انسان انما يحب حياته هو لا كل حياة ولا أي حياة.
فحب النفس في رأي المتنبي هو الحامل الشجاع على شجاعته وحب النفس كذلك هو الحامل الجبان على جبنه

أرى كلنا يبغى الحياة لنفسه *** حريصاً عليها مستهاماً بها صبا
فحب الجبان النفس أورثه التقى *** وحب الشجاع النفس أورده الحربا


ولكن ما أبعد الفارق بين النفسين وما أكبر المسافة بين الغايتين وما أعظم الاختلاف بين ما يحبه هذا وما يحبه ذاك؟؟

فيختلف الرزقان والفعل واحد *** إلى أن ترى إحسان هذا لذا ذنبا


نعم! فالحياة حبيبة إلى الشجاع ولكن ما الحياة التي تحبها نفس الشجاع؟؟
أهي ككل حياة تحبها النفوس؟؟ لا! وإنما هي حياة الحول والطول والمغامرة
والجلاد وتجربة الأهوال ومناهضة الخطوب والصبر على عظائم الأمور. فهذه هي
حياة الشجاع التي تحب وتفدى، فإن أذعنت له الدنيا بما يروم منها طابت له
مقاماً وطاب بها نفساً وإلا فلا خير في حياة تفنى عناصرها ومقوماتها ولا
يبقى منها إلا شبحها!! تلك حياة هي الموت بعينه أو الموت خير منها.
والحياة حبيبة إلى نفس الجبان ولكن ما الحياة التي تحبها نفس الجبان؟؟
كل حياة بلا حيد ولا قيد. أو كما جاء القرآن الكريم " ولتجدنهم أحرص الناس
على حياة" بذلك التنكير الذي لا تعرفه أل ولا اضافة. فإن تهيأ لها مركب
العز سهلا رخواً صعدت إليه عفوا صفوا واتخذته رفاهة ولهوا. أما ان صال
عليه صائل أو حال دون مرتقاه حائل فلا كان العز ولا كان من يأسى عليه!! ان
المورد الرنق لأشهى من سلسبيل ومرتع وبيل، وان كلباً حياً لخير من أسد
قتيل..
فليس المعول على حب الحياة وإنما المعول على ما يحب منها. وليست العبرة
بالخوف في نفوس الجبناء أو بقلة الخوف في نفوس الشجعان وإنما العبرة بما
يخافه هؤلاء وهؤلاء. فقد تكون قلة الخوف أحياناً جبناً لا يقاس به جبن وقد
يكون الخوف أحياناً شجاعة تربى على كل شجاعة. إذ ما من شيء مخوف في ذاته
عند جميع الناس في جميع الحالات ولكن الشيء الواحد قد يخافه أناس ويستهين
به آخرون وقد يؤمن في حالة ويخشى في حالة أخرى.

وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى *** ولا الأمن إلا ما رآه الفتى أمنا


فرب رجل يحمل صنوف العار كلها فراراً من ألم خفيف أو ضرر طفيف، ورب رجل
يجازف بنفسه ويدخل على الموت في غيله تفادياً من كلمة أو فرقا من وصمة.

والعار مضاض وليس بخائف *** من حتفه من خاف مما قيلا


وما هذه الحياة بشيء واحد ولا باللازم من حب الانسان لحياته التي يختارها انه يشفق من كل موت

فشر الحمامين الزؤامين عيشة *** يذل الذي يختارها ويضام


اذ الحياة كالموت أشكال. فمن أشكال الحياة ما يكره وينبذ ومن أشكال الموت
ما يحب ويطلب. وعلى هذا لا تناقض بين حب المرء حياته وحبه القوة في بعض
الأحيان، لأنه قد يريد الحياة القوية حين يقتصر على ذكر الحياة، بل قد
يكون طلب الحياة عنده مرادفاً لطلب الموت عند امرئ سواه.
ذلك توفيق المتنبي بين رأيي دارون ونيتشه. توفيق مداره على أن بعض الحياة
شر من بعض الموت وأن الجريء المخاطر يحب الحياة حين يوجهها إلى وجهتها من
اقتحام المصاعب وملاقاة الخطوب. ولا يتوهمن من حلاوة الحياة ما يعلمه
الحريص القنوع أو يخفى عليه من مرارة الموت ما يتقيه الضعيف المنخوب
والجبان الهلوع، ولا أنه كان رجلاً يقدر حب الحياة دون قدره ويتهجم على
الموت تهجم الوحش الذي لا يشعر بنفسه ولا يدري عاقبة أمره. كلا ما كان
المتنبي بذلك الرجل وما كان طعم العيش أحلى في قلب أجبن الجبناء مما كان
في قلبه ، ما كان هيناً على نفسه أن يموت وأن تسكن في صدره أنفاس هذا
الهواء الذي ألفه وان تهدأ فيه تلك العاصفة التي كانت لا تبرح تقيمه
وتقعده. إنما كان الرجل كما ينبئك شعره شغوفاً بالحياة عاشقاً لها قد
أحبها حباً جماً وجس بكل خالجة من خوالج نفسه هاتيك القيود الصلاب التي
تربط الانسان بمكانه فوق هذه الأرض وتحت هذه السماء. ولقد ذكر هذه الحقيقة
وكررها أكثر من تكرير أبي دلامة لها، أي أكثر من تكرير الجبان المقر على
نفسه بالجبن على مشهد من جيشين متناجزين. فكان من قول المتنبي في هذا
المعنى

ولذيذ الحياة أنفس في النفـ *** ـس وأشهى من أن يمل وأحلى
واذا الشيخ قال اف فما مل *** حياة وإنما الضعف ملا



ومن قوله فيه:

ألف هذا الهواء أوقع في الأنـ *** ـفس ان الحمام مر المذاق


ومنه :

تغر حلاوات النفوس قلوبها *** فتختار بعض العيش وهو حمام


ومنه :

ومن لم يعشق الدنيا قديماً *** ولكن لا سبيل إلى الوصال


وقال: "وهي معشوقة على الغدر.." وقال: "والمرء يأمل والحياة شهية" وقال
وهو جماع قوله في هذا المعنى ومحور كلامنا في التوفيق بين حب الحياة وحب
المجد والحكم الحكيم الذي أنصف فيه الشجاعة وأنصف الشعور بحب الحياة:

أرى كلنا يبغى الحياة لنفسه *** حريصاً عليها مستهاماً بها صبا
فحب الجبان النفس أورثه التقى *** وحب الشجاع النفس أورده الحربا



فأي شغف بالحياة أشد من هذا الشغف؟؟ ولكننا نعود فنسأل أي حياة؟؟ لا شك
أنها هي حياة بعينها لا مجرد حياة مطلقة من التعريف والتقييد. هي حياة
المتنبي لا حياة أخرى يكون فيها الضيم أهون الاضرار والعار فيها أسلم من
النار. حياة العزيز الجريء التي غايتها الكبرى الشرف وآفتها الكبرى الذل
والمهرب فيها إلى الموت – إن كان لا بد من مهرب أمين.


يتبع..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون SyriaC
مزاجك اليوم : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون 8010
المهنة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Broadc10
الهواية : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون   فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Icon_minitime20/12/2008, 4:43 am


.
وقد رأينا من قبل أن الدعوة إلى الشرف والرفعة كانت ملتقى كل دعوة في شعر
المتنبي مسبار كل خلق وغاية كل مطلب ونتيجة كل مقدمة. وسنرى من عجائب غلبة
المزاج على المنطق أن المتنبي ينتهي إلى طلب الشرف والرفعة من نفس
المقدمات التي تنتهي بغيره إلى نتيجة أخرى مناقضة لنتيجته كل المناقضة.
ينتهي إلى طلب الشرف والرفعة من تلك المقدمات التي تنتهي بالآخرين إلى هجر
الحياة والزهد في شرفها ورفعتها والاعراض عن سلطانها وبهجتها والرضى
باليسير من بلغتها والقليل من مسكتها. فهو يقول:

يموت راعي الضأن في جهله *** ميتة جالينوس في طبه
وربما زاد على عمره *** وزاد في الأمن على سربه
وغاية المفرط في سلمه *** كغاية المفرط في حربه



وإلى هنا لو كان صاحب الأبيات شاعراً آخر كالمعري مثلاً أو كأبي العتاهية
لأتمها بالنصح لك بالزهد والقناعة واراحة البال واعفاء النفس من أوضار
المطامع ولجلجات الخصومة، ولقال لك أن التبلغ باليسير أحجى بالحكماء
واليأس من الحياة أولى بالإحياء، فإنه لأفضل فيها لعالم على جاهل ولا
رجحان فيها لنابه على خامل؟؟ أليس سعيك إلى انتهاء وجودك إلى فناء ومالك
وسلطانك إلى هباء؟؟ فمالك أن لا تريح نفسك وتعفى جسدك وتغنم من الحياة
الراحة والعافية وهما نعم الغنيمة لا تكلفك سعياً ولا تخلف لك أملاً؟
ولا ريب أنه منطق قريب قد كان يكون مقبولا عند كثير من الناس ونتيجة سهلة
لا يعقلون نتيجة غيرها لتلك المقدمة. أما المتنبي فما أبعد هذا المنطق
عنه!! إنه ليخلص بك من تلك المقدمة إلى نصيحة بعيدة كل البعد عن الزهد
والقناعة، ويقول لك أن الحياة قد وعظت أهلها فلم تبق عذراً للجبان الذي
يخاف الموت ويشفق أن يغامر بنفسه وراء حاجته:

فلا قضى حاجته طالب *** فؤاده يخفق من ورعه


وعلى هذا النسق، ومن نوع هذا الاستنتاج ، يقول في بيت آخر:

واذا لم يكن من الموت بد *** فمن العجز أن تموت جبانا


لا بل لقد كانت تطرق المتنبي نوبات من الزهد ورفض الحياة في بعض الأحيان
أفتدري من أي جانب الشرف والرفعة الذي تفضي إليه كل نواحي نفسه ومجامع
هواه:
فهو يقول:

وما الدهر أهل أن تؤمل عنده *** حياة وأن يشتاق فيه إلى النسل


أو يقول:

أكرم يديك عن السؤال فإنما *** قدر الحياة أقل من أن تسألا


وربما أراك استصغاراً للحياة واستهانة بشأنها أن يكون فها ما يقتتل عليه الناس ويتعادون من أجله فيقول:

ومراد النفوس أصغر من أن *** نتعادى فيه وأن نتفانى


فيخيل إليك أن الرجل قد تاب وأناب فسئم جهاد الحياة وعاف فضول العيش وسكن
إلى الراحة والسلام وسلك مسلك الزاهدين القانتين. ولكنك لا تعبر البيت إلى
ما بعده حتى تقرأ له على الأثر:

غير أن الفتى يلاقي المنايا *** كالحات ولا يلاقي الهوانا


فإذا هو يحض على التعادي والتفاني، أو كأنما هو في هذا الاستدراك عابد
متنطس يزل لسانه بالتجديف على غير وعي منه فيبادر إلى التوبة أو يقول ما
يخشى أن يحمل على غير وجهه فيسرع إلى التصحيح تكفيراً لذنب فرط منه في حق
اله شديد العقاب عسير الحساب.

***


والواقع أنها عبادة كأصدق العبادات، وأن تمسك عبادها بها أخلص وأقوى من
تمسك العباد بصلواتهم وفرائضهم. لأنهم يقومون بشعائرهم أرادوا أو لم
يريدوا ويتلون صلواتهم أمروا بذلك أو لم يأمروا. هي عبادة القوة والشرف
وأكرم بها من عبادة لا تعارض العبادات بل توافقها جميعاً، واحبب بها إلى
كل نفس تخلص الحب للحياة وتصدق في إيمانها بالمثل الأعلى وتود للعالم أن
يطهر من النقائص ويستوفي قسمه من الكمالات. وأي نفس تلك التي تكره القوة
وترتاح إلى الضعف؟؟ أي انسان حقيق بشرف الحياة يشايع في ضميره أسباب النقص
والفناء ويدابر أسباب الكمال والارتقاء؟؟ فالقوة حبيبة إلى كل نفس وأثيرة
في كل قلب. ومن الشرف أن نتمنى شيوعها وازديادها لا أن نتمنى دثورها
واضمحلالها. بل من الحصافة أن نعلم ماذا نصنع حين ندعو إلى إنكار القوة
وكراهتها.. إننا حينئذ نجلب الخراب والعجز على العالم ونسمي ذلك فضيلة
وحقاً وصلاحاً وما هو إلا عين الرذيلة والباطل والفساد.
لا عيب في حب القوة نفسه. فان كان هناك عيب فهو في شريعة محبيها أو في
تطبيقهم لشريعتها على الأَصح. لأنهم يجورون غالباً عن السبيل السوي ويغلون
في اعتقادهم غلواً يكون فيه اضرار بالقوة نفسها واخلال بفرائضها وأحكامها.

ويفوتهم في أعم حالاتهم ثلاثة أمور:
يفوتهم أولاً أن من القوة واستقلال الخلق أن يدين الإنسان نفسه بنفسه
ويعرف العدل قبل أن يعرفه به غيره. وإلا كان كشأن الضعيف المجبر الذي يضطر
اضطراراً إلى رعاية الحق والوفاء، ويخوف من المنكر بالقمع والجزاء، ويكون
تبعاً لغيره في الخلائق والآراء.
ويفوتهم أكثر من ذلك أن الإيمان بالقوة الرفيعة قرين الإيمان بالجمال حيث
كان. فالرجل القوي حقاً لن تخلو نفسه من شعور عميق بالجمال ونفور عميق من
القبح، ومن كان كذلك فحري به أن لا يطيق منظر الشقاء والذلة والعوز في
الدنيا، ولا يصبر على رؤية النفوس الآدمية تشوه والعقول تمسخ والقرائح
تعطب وتسقم والجسوم ترث وتهرم؛ ولا يسمح له فؤاده الكبير وطبعه السليم أن
يجترئ على ضراعة الضارعين ويجرد قوته لابادة العزل القانعين. فإن لم تصل
بينه وبينهم صلة التعاطف فيمسح ضيمهم وينعش أملهم ويستر خلتهم فلا محيص له
من فعل ذلك كراهة للقبح وحباً للجمال وتحسينا لهذه الدنيا التي يجب على
القادرين فيها ما يجب على الانسان القادر في منزله – أن ينظفه ويجمله
ويجعل كل من فيه من الكبار والصغار وفق ما يرضي من سيما الكرم وبشاشة
الجمال.
ويفوتهم أخيراً أن يفرقوا بين الضعف الذي هو نقيض القوة وسالبها وآفة
وجودها وبين القوة الصغيرة التي هي من عنصر القوة الكبيرة ومن لحمها ودمها
ولكنها أقل منها في الحجم أو في العدد. فهذه الجماهير الكثيفة التي نسميها
"الضعفاء" جهلاً وغروراً ليست بالضعيفة على أي معنى من معاني الضعف وإنما
هي قوية متجبرة طاغية بل هي ينبوع القوة التي لا ينضب بل هي القوة حقاً
وغيرها الضعيف بالقياس إليها. وآية ذلك أن القوانين كلها في مصلحتها هي لا
في مصلحة الأفراد الأقوياء، لأن هذه القوانين تسويفي الوضع بين الفرد
الكبير والفرد الصغير في صيانه الحقوق وحرمة الحياة وليس ذلك مما يهواه
الكبار لو كان المر لهم والقوة كما يزعمون في أيديهم ودساتير العرف من
إملائهم. ويعجبني ما أثبته الأستاذ رمزي موير في عرض كلامه على تدرج
القوانين الدولية في كتابه "القومية والدولية" حيث لاحظ أن وضاع الشريعة
الدولية كانوا كلهم من أبناء الأمم الصغيرة المستضعفة. فجروتيوس وبينكر
شوك هولنديان وفاتل سويسري وبفندورف وليبنز وولف من أبناء الامارات
الألمانية الصغيرة قبل اتحادها. قال: "ومثل واحد بسيطة يبين لنا الاستعداد
العام بين الأمم المتمدينة لقبول الأصول الدولية. فإن من المسلم به بين
الجميع أن سيادة كل دولة بحرية مفتوحة لجميع الأمم على السواء. هذا المبدأ
مقبول معترف به عند جميع ملوك الأمم وحكوماتها فمن أين مصدره؟؟ ومن الذي
فرضه على الملوك؟؟ لا أجد غير الرسائل المدونة في القانون الدولي. ومما
يستحق التنويه أن هذا المبدأ لم يعرف إلا في الأزمنة الأخيرة فقد كان
ظهوره على شكل واضح محدود لأول مرة في كتابات فاتل.." ولا شك أن هذه
الحقيقة التي لاحظها الأستاذ المؤرخ خليقة بالاعتبار فيما نحن بصدده لأنها
ترينا كيف يملي الضعفاء ارادتهم في بعض الأحيان، وإن كان لها تعليل آخر
غير الذي أسلفناه وهو أن النفس ربما أصغت للصغير ولم تصغ للكبير إذ كانت
لا تحس في إصغائها لمن هو أصغر منها معنى الخضوع والتسليم الذي تأباه
ويستفز منها العناد والكبرياء.
والنتيجة الصحيحة من هذا وذاك أن القوة أهل لأن تحب وترعى وتكرم ولكن يجب
على من يدين بشريعتها أن يكون قوياً على نفسه وأن يقرن بينها وبين شعور
الجمال وأن يفرق بين الضعف المبيد والقوى الصغيرة التي تجتمع منها القوة
الكبرى، وإلا فقد كفر بدينه واستحق العقاب على حكم شريعته.



للأمانة الموضوع منقول من موقع الساخر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جورجينا
::: نائبة المدير العام :::
::: نائبة المدير العام :::
جورجينا


انثى
الدلو
القط
عدد المساهمات : 18506
تاريخ الميلاد : 10/02/1987
العمر : 37
العمل/الترفيه : طالبة
المزاج : شوية رواق
علم الدولة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون SyriaC
مزاجك اليوم : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون 16210
المهنة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Unknow10
الهواية : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Unknow11
السٌّمعَة : 178
نقاط : 10135
تاريخ التسجيل : 22/03/2008

فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون   فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Icon_minitime20/12/2008, 2:15 pm

يسلمن روز
بس بظن انو الفلسفة العربية هي لابن خلدون هو اكبر الفلاسفة العرب
والباقي بحسن عايشين بظلو
يعني بعد ابن خلدون بظن ابن رشد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
roony
::: المشرف العام :::
::: المشرف العام :::
roony


ذكر
الدلو
الثعبان
عدد المساهمات : 6184
تاريخ الميلاد : 26/01/1990
العمر : 34
العمل/الترفيه : ولا شي
المزاج : هادئ
علم الدولة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون SyriaC
مزاجك اليوم : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون 611
المهنة : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Collec10
الهواية : فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Chess10
السٌّمعَة : 43
نقاط : 779
تاريخ التسجيل : 08/04/2008

فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون   فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون Icon_minitime21/12/2008, 9:40 am

مشكورة روز انك تطرقتي الى ذكر هذا الشاعر العضيم
بالفعل انه افضل شاعر بيمر عالتاريخ
تسلم ايدك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فلسفة المتنبي بين نيتشه ودارون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سبب جنون نيتشه:
» من اجمل قصائد المتنبي
» كتب شرح ديوان المتنبي،شرح المعلقات،طبقات الشعراء ء ابن المعتز
» فلسفة قلم!!
» فلسفة أعجبتني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات شلة سوريا :: ¨¨°؛©o.,,.o©؛°¨¨°؛© المــــنـتـدى الأدبـــي ©؛°¨¨°؛©o.,,.o©؛°¨¨ :: المكتبة الادبية :: روايات عالمية-
انتقل الى: