>>دمشق تحتضن ورشة البنك الدولي الإقليمية حول النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط..

أطلقت مجموعة البنك الدولي من دمشق أمس ورشة عمل
إقليمية حول النمو الاقتصادي وسوق العمل في منطقة الشرق الأوسط في ظل التحديات
المالية والاقتصادية والإنمائية تحت عنوان "مقاربة متكاملة للنمو وخلق فرص عمل في
سورية ولبنان والأردن".
وقال عبد الله الدردري نائب رئيس مجلس الوزراء
للشؤون الاقتصادية إنه لم يعد بمقدور أي دولة النمو وحدها أو مواجهة الأزمة وحدها
لذلك يجب على الدول المتجاورة سورية ولبنان والأردن العمل مع بعضها في مجالات
الاستثمار والسياسات الكلية مشيراً إلى أن قضايا العمل والتشغيل بين الدول الثلاث
مرتبطة ارتباطاً واقعياً لأن العمالة السورية موجودة في الأردن ولبنان والعمالة
اللبنانية والأردنية موجودة في سورية.
وأوضح الدردري أن القضايا المطروحة في منهجية مايلز
التي تعد أداة لقياس التنمية يجب النظر اليها بين الدول الثلاث بشكل متكامل إذ أنه
لايمكن تحرير التجارة دون تنسيق السياسات المالية والنقدية ولايمكن التحدث عن
مناخات الاستثمار بشكل منعزل عن بعضها بعضاً.
وأشار الدردري إلى ضرورة التنسيق بين الدول الثلاث
في مجال التعليم الذي يوفر المهارات الضرورية لليد العاملة في هذه الدول للاستفادة
القصوى مما يوفره التعليم من تنافسية وفرص عمل موضحاً أن الدراسات العملية أثبتت أن
زيادة مستوى التعلم أدت إلى زيادة مستوى الدخل سواء بالنسبة للاقتصاد الوطني أو
للفرد.
وبالنسبة لحزم وشبكات الأمان الاجتماعي بين الدردري
أن العمل على تطويرها قائم في الدول الثلاث ورغم تفاوت مستوى التطوير بين هذه الدول
إلا أنها تستفيد من تجارب بعضها البعض موضحاً أن سورية على ابواب مرحلة جديدة في
موضوع سياسات سوق العمل وسياسات الحماية الاجتماعية بشكل عام.
وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء أن التنمية المتوازنة
فقط هي التي تحافظ على كيان الدولة ولاسيما بعد فشل أسلوب إدارة الدول كشركات
مشيراً إلى أن الحكومات يجب أن تدير مجتمعات لا أن تتحول لمجالس إدارة تدير شركات.

وأضاف الدردري أنه يجب السعي إلى توفير فرص العمل في
التشغيل المستدام دون أن تخدعنا معدلات النمو لأن تحقيق معدلات نمو عالية سهل
نسبياً لكن المهم أن ينعكس هذا النمو على شكل فرص عمل مستدامة تحقق دخلاً مقبولاً
ومستداماً للمواطنين مبينا انه تم تحقيق من 250 إلى 300 ألف فرصة عمل في سورية خلال
السنوات الثلاث الماضية حسب الإحصاءات الرسمية.
من جهتها أوضحت الدكتورة ديالا الحج عارف وزيرة
الشؤون الاجتماعية والعمل أنه تم تسجيل تقدم في معدلات النمو في سورية وفقاً لما هو
مخطط له لكن النمو لم يكن متوازناً مشيرة الى سعي برنامج الإصلاح الاقتصادي منذ
بداياته الى استخدام النتائج بما ينعكس على فرص العمل لانها من اولويات الحكومة.

وقالت الحج عارف إن الحكومة لم تفصل بين المفهوم
الاقتصادي والدور الرعائي الذي كان يفترض ان تكون استخداماته من نتائج الإصلاح
الاقتصادي وثماره مبينة أن الهاجس الأساسي للحكومة ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية
والعمل هو كيفية الحد وتقليص آثار إصلاح اقتصادي يعتمد على معايير اقتصادية معينة
وفي نفس الوقت تصر على دور الدولة الاجتماعي وزيادة تدخلها وحمايتها ودورها في
البناء الاجتماعي بكل أبعاده.
وأوضحت الحج عارف أنه يتم الفصل بين الدور الرعائي
المعتمد على توظيف ليس له تأثير إيجابي على الإنتاجية ووجود انتاج يوفر الحماية
الاجتماعية مشيرة إلى أن ما تم التوصل إليه في هذا المجال أكثر من المتوقع وأقل من
الطموح.
من جهته أكد الدكتور غسان حبش معاون وزير الاقتصاد
والتجارة أن عقد الورشة فرصة للاطلاع على ما هو قائم في مجال تشخيص القيود المعوقة
للنمو الاقتصادي وتحديد السياسات والبرامج في إطار عام يشمل الاقتصاد الكلي ومناخ
الاستثمار والعمالة والتعليم والحماية الاجتماعية للمساعدة في دفع عملية النمو
الاقتصادي والاجتماعي إلى الأمام.
وأشار حبش إلى أهم التطورات على الساحة الاقتصادية
السورية المتمثلة باستكمال جزء مهم من التشريعات اللازمة للإصلاح الاقتصادي الذي
تشهده البلاد كقانون التجارة وقانون الشركات وقانون المنافسة ومنع الاحتكار وغيرها
وانشاء بعض الهيئات والمؤسسات الحكومة اللازمة إضافة إلى التطورات الحاصلة على صعيد
تشريعات العمل والتشريعات المالية والنقدية وغيرها مبيناً أن العمل مستمر على تقييم
الاثر التنظيمي والتشريعي بهدف خلق مناخ استثماري أكثر جاذبية ويساعد على تطوير
بيئة الأعمال في سورية.
وأوضح حبش أن الإصلاح الاقتصادي وتحرير التجارة
وتحسين المناخ الاستثماري في سورية يعزز من تنافسية الاقتصاد السوري في دول المنطقة
والعالم ويساهم في زيادة حصة دخل المواطن من معدل الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات
النمو في سورية.
بدوره أوضح هادي العربي مدير دائرة الشرق الأوسط في
البنك الدولي أن البنك يعير موضوعي النمو الاقتصادي وتحديات سوق العمل أهمية كبيرة
ويعتبرهما من اولويات التطور الاقتصادي والاجتماعي مشيراً إلى أن الأزمة المالية
العالمية والاقتصادية ستتسبب من وجهة نظر البنك الدولي بانخفاض لافت في نمو نسبة
الناتج المحلي الإجمالي في الدول كافة ومن المرجح ان تتراجع هذه النسبة من 5ر2
بالمئة في عام 2008 إلى نمو سلبي يقارب 1 بالمئة.
وبين العربي أن دول الشرق الأوسط كانت أقل تأثراً من
غيرها بالنسبة لانعكاسات الأزمة المالية لكن الآثار ظهرت على الاقتصاد الكلي في
معظمها حيث تدنت الصادرات وعائدات السياحة وتحويلات المغتربين كما أن الاستثمارات
الخارجية المباشرة والمساعدات المالية مرشحة للتضاؤل مشيراً إلى أنه لم يعد
بالإمكان الاعتماد على القطاع العام لتأمين أغلبية الوظائف وشبكات الأمن الاجتماعي
للقوى العاملة.
وأكد العربي أهمية انتاج قوى عاملة مثقفة ذات مهارات
عالية ترفع من قوة تنافسها في اسواق العمل ويمكن للقطاع العام استيعابها مبينا
الحاجة الى المناخات الداعمة للقطاع الخاص ليأخذ دوره في التنمية الاقتصادية
والاجتماعية.
وتستمر الورشة ثلاثة ايام بمشاركة عدد من ممثلي
الحكومات والمنظمات الدولية التي تعنى بالشؤون الاقتصادية والتنموية.
وتناقش الورشة ثلاثة محاور تتضمن وضع أسواق العمل في
المنطقة خصوصا في الدول الثلاث المشاركة وشرحاً مفصلاً لمقاربة "ميلز" التي أعدها
البنك الدولي حول الاقتصاد الكلي والمناخ الاستثماري وأسواق العمل والتعليم
والحماية الاجتماعية إضافة إلى بحث الأزمة المالية والأزمات العالمية الأخرى
كالغذاء وارتفاع أسعار النفط وتداعياتها على التنمية البشرية وأسواق العمل في منطقة
الشرق الأوسط.