أكد الرئيس التركي عبد الله غل أنه على الولايات المتحدة والدول الغربية إدراك أهمية موقف سورية ودورها في المنطقة والتعامل مع هذه الحقائق مشيراً إلى اقتناع الكثيرين في الغرب بأن سورية هي المفتاح الرئيسي لمجمل قضايا المنطقة ولايمكن لأحد أن يتجاهل دورها المهم فيها داعياً إلى التجاوب مع نهج سورية تجاه مشكلات المنطقة وتعزيز الحوار معها.
وقال الرئيس غل في حديث لوكالة الأنباء السورية سانا في أنقرة: كنا من خلال علاقاتنا مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية نرى أن هذه الدول لا تفهم حقيقة موقف سورية بشأن الوضع في المنطقة وقد سعينا منذ البداية لنقل الصورة الحقيقية للمسؤولين في الغرب وقلنا لهم جميعاً ودائماً أن سورية صادقة في مواقفها ودعوناهم للرد ايجابيا على دعواتها للحوار حول قضايا المنطقة كما أكدنا لهم أنكم على خطأ وسيأتي اليوم الذي سترون فيه أننا على حق وقد اقتنعوا أخيراً بصحة الموقف السوري من قضايا المنطقة.
وحول الأسباب والدوافع التركية لتبني الموقف السوري في المحافل الإقليمية والدولية قال الرئيس غل: لقد ادركنا منذ البداية مدى جدية ومصداقية سياسة الرئيس الأسد فيما يتعلق بمجمل الأمور التي تخص المنطقة وعلى هذا الأساس انطلقنا في علاقاتنا مع الدول الأخرى لشرح حقيقة مواقف سورية الفاعلة في كل الملفات التي تهم المنطقة.
وبشأن العلاقات الثنائية ومستوى التطور الذي وصلت إليه قال الرئيس التركي إن العلاقات التركية السورية أصبحت بما حققته خلال الفترة القصيرة الماضية نموذجاً مثالياً يجب أن تقتدي به الدول الأخرى وإن ذلك يعود الى الثقة والمصداقية المتبادلة والنيات الحسنة وعلاقات الأخوة القائمة بين الرئيس بشار الأسد والقيادة التركية التي كانت وراء النتائج الإيجابية التي تحققت في كلا البلدين.
وأشار إلى أن العلاقات بين البلدين ليست مثالية بالمفهوم الثنائي فقط بل هي مهمة أيضاً إقليمياً حيث هناك تنسيق وتعاون وتضامن فيما يتعلق بمجمل القضايا التي تهم الدولتين والمنطقة وقال: أنا راض جداً عن المستوى الذي وصلت إليه هذه العلاقات وخاصة إذا تذكرنا انعكاسات ذلك على العلاقات الدولية أيضاً.
وأضاف الرئيس غل أنه بما أننا بدأنا بهذه النيات الصادقة من الجانبين تجاهنا والامور سارت ايجابيا وتطورت بسرعة ووصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن على صعيد تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين لأنه عندما تكون الثقة متبادلة والنيات صادقة وإيجابية فكل شيء ممكن وتهون الصعاب ويتم تجاوزها بسهولة.
وأردف الرئيس التركي قائلاً إنه عندما تتم مناقشة أي مشكلة بين البلدين يجري الحديث فيها بجو أخوي لا يمكن لأحد أن يتصوره وهذا يفتح آفاقاً جديدة للتعاون في المجال الاقتصادي والتجاري مثلاً ويساهم في تحقيق التقدم والازدهار ليس فقط في تركيا وسورية بل لكل شعوب المنطقة وخير دليل على ذلك أننا ندافع عن سورية في جميع المحافل الدولية والاقليمية التي لا تشارك فيها سورية والعكس صحيح أيضا فالسوريون يمثلون تركيا ويتبنون وجهة نظرها في الفعاليات العربية التي لا نشترك فيها والعلاقات التركية السورية مثالية ونموذجية بكل معنى الكلمة وعلى الجميع أن يستفيد منها.
ورأى الرئيس غل أنه بإمكاننا في تركيا وسورية أن نفعل الكثير ونحقق المزيد من الخطوات في العلاقات الثنائية وفي جميع المجالات والمهم الآن هو تكثيف الصلات بين الشعبين السوري والتركي.. ولقد اتفقنا مع سورية لاتخاذ المزيد من الخطوات العملية لدعم هذه العلاقات عبر الحدود المشتركة لذلك قررنا نزع جميع الألغام المزروعة على الحدود التركية مع سورية والاستفادة من هذه الأراضي في مجال المشاريع الزراعية المشتركة وخصصنا المبالغ اللازمة لتمويل هذه المشاريع كما اتفقنا مع سورية على بناء السدود وتنفيذ المشاريع التنموية المشتركة بين البلدين موضحاً أن المواضيع التي كانت في الماضي مشاكل صعبة تعرقل تطوير العلاقات تحولت الآن إلى قضايا تحقق المصالح المشتركة لبلدينا وشعبينا والمهم هو أن نثق ببعضنا البعض ونعمل معا من أجل بلدينا.
واعتبر الرئيس غل أن الثقة المتبادلة هي الاساس في العلاقات التركية السورية وأنها يجب أن تكون أيضاً هي مفتاح وسر العلاقات الدولية والثقة والاحترام المتبادل.. والمحبة الصادقة كانت موجودة منذ البداية في العلاقات السورية التركية وبنينا عليها كل شيء.
ورداً على سؤال حول انعكاسات العلاقات التركية السورية على قضايا المنطقة وأمنها واستقرارها قال الرئيس غل من دون شك كان للعلاقات التركية السورية انعكاس مهم على الوضع في العراق الذي تعرض للاحتلال ثم للحرب.. والعراق يهم سورية وتركيا أكثر من أي دولة أخرى ومنذ البداية كان هناك تنسيق وتعاون تام بين سورية وتركيا في موضوع العراق وكان هذا التنسيق بعد ذلك بين دول الجوار العراقي أيضاً وكان لبنان أيضا من بين المواضيع التي تهم العلاقات السورية التركية لأننا نعرف مدى أهمية لبنان بالنسبة لسورية تاريخياً وسياسياً واستراتيجياً.
وحول رؤية تركيا إلى مستقبل عملية السلام في المنطقة في ضوء مواقف حكومة إسرائيل الرافضة للسلام قال الرئيس غل إن العدوان الإسرائيلي اللا إنساني على غزة نسف كل ما حققناه من خلال الوساطة التركية في محادثات سلام غير مباشرة بين سورية وإسرائيل.. والآن يوجد في اسرائيل حكومة جديدة والجميع ينتظر منها أن تعلن عن مواقفها الصريحة فيما يخص السلام معرباً عن استغرابه أن الجميع في الغرب كان يطلب من حماس أن تعترف بخريطة الطريق وتلتزم بها وهؤلاء الآن لا يقولون أي شيء للمسؤولين الإسرائيليين مؤكداً ضرورة ان يغير المسؤولون الإسرائيليون من مواقفهم السابقة ويتخذوا مواقف إيجابية وجدية في موضوع السلام.
ودعا أصدقاء الحكومة الإسرائيلية في أمريكا وأوروبا إلى القيام بدور فاعل ومؤثر تجاه المسؤولين الاسرائيليين ليحققوا هذا التغيير وباتخاذ المواقف المطلوبة في موضوع السلام وبعد كل ذلك إذا قال الإسرائيليون أنهم على استعداد من اجل السلام مع سورية فحينها سنفكر فيما اذا كنا سنعود إلى الوساطة أم لا وبالطبع بعد أن نقتنع ونتأكد من مصداقية المسؤولين الإسرائيليين وجديتهم حيث ان سورية اثبتت للعالم دائماً مصداقيتها تجاه عملية السلام.
ورأى الرئيس التركي ان الظروف الدولية والسياسات الامريكية والأوروبية الجديدة التي تتبنى قضايا السلام قد تؤثر في موقف الحكومة الإسرائيلية.
وفيما يتعلق بالشأن الفلسطيني قال الرئيس غل إنه كان هناك تنسيق وتعاون مباشر مع سورية فيما يتعلق بمجمل الوضع الفلسطيني وقد أعلن الرئيس الأسد منذ البداية ثقته بالدور التركي ليس بشأن القضية الفلسطينية بل أيضاً فيما يتعلق بالوساطة التركية بشأن المحادثات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل مضيفاً أن الصراع العربي الإسرائيلي قضية تهم فلسطين وسورية ولبنان أيضاً وأنه من دون المسارين السوري واللبناني لن يكون هناك سلام حقيقي في المنطقة.
وأشار إلى أن بلاده ستنتظر لترى ما ستفعله إسرائيل في موضوع السلام وسنبني خطواتنا بعد ذلك وعلى ضوء سياسات إسرائيل فيما يخص العلاقات معنا وموضوع السلام مع الفلسطينيين وسورية ولبنان.
وقال الرئيس غل.. على الجميع ان يتبنى إقامة الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية بكل مقومات هذه الدولة والعمل على تحقيق ذلك وعلى الفلسطينيين أن يضعوا حداً نهائياً لخلافاتهم وتوحيد صفوفهم لتحقيق المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني وعلى كل الأطراف الفلسطينية أن تتحمل مسؤولياتها الوطنية والإنسانية.
وأعرب الرئيس التركي عن أسفه لأن الغرب والآخرين لم يعطوا الفرصة الكافية لحركة حماس وقياداتها لأن توضح وجهات نظرها وتثبت مصداقيتها في موضوع السلام.. وتركيا منذ البداية كانت متفهمة بشكل ايجابي لمواقف حماس بشأن القضية الفلسطينية.. وقد اثبتنا منذ البداية انه لم يكن لنا اي حسابات خاصة في أي علاقة مع أي طرف فلسطيني او عربي وكان هدفنا دائما هو السلام والاستقرار بالنسبة للجميع.
وفيما يتعلق بالعلاقات العربية التركية قال الرئيس غل إنه كانت في الماضي بعض المشاكل ولكن تجاوزناها وانا كرئيس للجمهورية ورئيس للوزراء ووزير الخارجية زرت الجامعة العربية ووقعنا على اتفاقية للتعاون مع الجامعة وقد كان للعلاقات التركية العربية انعكاس ونتائج مهمة ومنها انتخاب أكمل الدين احسان اوغلو امينا عاما لمنظمة المؤتمر الاسلامي بدعم عربي وكذلك انتخاب تركيا لعضوية مجلس الامن الدولي.
وردا على سؤال قال الرئيس غل ان تركيا دولة اسلامية مهمة وزيارة الرئيس اوباما اليها تأتي في اطار الاهمية التي يوليها للعالم الاسلامي حيث رفع شعار التغيير على صعيد السياستين الداخلية والخارجية وانه بحث مع الرئيس الاميركي مجمل القضايا الاقليمية وفي مقدمتها محادثات السلام الفلسطينية الاسرائيلية والعراق وسورية وايران وافغانستان وغيرها وقد استمع الينا بجدية وقال انه سيستفيد من وجهات نظرنا خلال معالجته للقضايا المذكورة.
وبشأن المتغيرات الدولية وانعكاسها على قضايا المنطقة عبر الرئيس التركي عن تفاوءله ازاء سياسات امريكا الجديدة في ظل ادارة اوباما مشيرا الى انه على الدول العربية ان تتحمل مسؤولياتها وتوحد موقفها قبل ان تنتظر او تطلب اي شيء من الولايات المتحدة وان يعملوا من اجل المصالح المشتركة لدولهم والامة العربية فلماذا ينتظرون كل شيء من الولايات المتحدة ولماذا لايفرضون على الأميركيين والأوروبيين وجهة نظر عربية موحدة وانا على ثقة انهم اذا استطاعوا ان يفعلوا ذلك فسوف يجدون آذاناً مصغية في واشنطن والعواصم الأوروبية.
وحول التطورات في العراق وروءية تركيا لمستقبله بعد الانسحاب الاميركي قال الرئيس غل إن العراق دولة مهمة في المنطقة واننا نتألم دائما لمعاناة العراق وان انهاء الاحتلال الاجنبي وعودة السيادة للعراقيين امر مهم جدا لافتا الى انه بحسب ما أعلن عنه الرئيس الاميركي باراك اوباما من جدول زمني للإنسحاب من العراق فان الأمور ستسير بشكل إيجابي مضيفا ان المهم هنا هو أن يتحمل المسؤولون العراقيون مسؤولياتهم ويعملوا معا من أجل العراق وعلى جميع دول المنطقة أن تتحمل مسؤولياتها لمساعدة الشعب العراقي والدولة العراقية في مرحلة ما بعد الانسحاب الاميركي وعلى جميع الاطراف العراقية أن يتفقوا على برنامج وطني يجمعهم جميعا حول كلمة العراق وحل جميع مشاكلهم السياسية والاقتصادية.
وفيما يتعلق بالموقف التركي بشأن الملف النووي الايراني قال الرئيس غل إن ايران دولة مهمة في المنطقة ونحن في حوارنا مع كل الاطراف نسعى لتوضيح الصورة للجميع ونسهل ونشجع هذه الاطراف على متابعة الحوار ونحن لسنا وسطاء بمعنى الوسيط..إننا نشجع الحوار بين الايرانيين وكل من الامريكيين والاوروبيين بهذا الشأن.
وحول مستقبل العلاقات التركية الارمينية قال الرئيس غل.. ان انفتاحنا على ارمينيا مهم جدا بالنسبة لمستقبل العلاقات التركية الأرمينية ومن ثم الارمينية الاذربيجانية وبالتالي على الامن والاستقرار في منطقة القوقاز عموما وسوف نستمر في هذا الطريق لحل كل المشاكل المتعلقة لاننا لانريد اي مشاكل مع احد من جيراننا او الاخرين.
وبشأن الحوار التركي مع الاتحاد الاوربي حول مسألة الانضمام الى عضوية الاتحاد الاوروبي قال الرئيس غل إن بلاده ستستمر في مساعيها للانضمام للاتحاد الاوروبي وتركيا دولة مهمة وكبيرة وهي اكبر جغرافيا واقتصاديا من الدول العشر التي انضمت مؤخراً للاتحاد الاوروبي ونحن في تركيا سنستمر في الاصلاحات الديمقراطية لانها لمصلحة الدولة والامة التركية كما هي تلبية لمطالب الاتحاد وضمان الاتحاد الكامل معه.
واشار الرئيس غل الى التنمية التي تحققت في تركيا منذ استلام حزب العدالة والتنمية السلطة نهاية 2002 لافتا الى ان التجربة التركية الحديثة اصبحت اليوم نموذجا يحتذى في الاقتصاد والسياسة وفي العلاقات الدولية أيضاً.
موضوع: >>الرئيس التركي في حديث لوكالة سانا: على الولايات المتحدة والدول الغربية ادراك أهمية مواقف سورية 
14/5/2009, 12:20 pm
