مدارس دمشق القديمة عراقة وفن معماري متميز

الثلاثاء, 29 كانون الثاني , 2008 - 03:00

تعد دمشق من أعرق حواضر العالم التى لاتزال تزخر بالمباني والعمائر من مختلف عصور الحضارات فكانها متحف حوى من جمال العمران وابداع الفنان ونظم التخطيط وتنوع الوظائف ما يدل على عظمة الحضارة العربية العريقة.

ومن اهم هذه المبانى المدارس التى تعود الى القرن الثانى عشر الميلادى ونشأت بعد ان تعددت فروع المعرفة وتنوعت ويعود الفضل فى انشاء اولى المدارس فى دمشق الى السلطان نور الدين محمود زنكى الذى بنى المدرسة النورية عام 568 هجرى 1172 ميلادى والتى نسبت اليه.

واستمر بناء المدارس بعد ذلك فى العصور التالية وعدد المؤرخ النعيمى ما يقارب من 100 مدرسة فى دمشق فى مطلع القرن العاشر الهجرى اشهرها العادلية والظاهرية والجقمقية.

تقع فى سوق الخياطين بدمشق انشأها الملك العادل نور الدين ابو القاسم محمود بن زنكي بن اق سنقر ووقفها على اصحاب الامام ابى حنيفة وبدأ بانشائها عام 563 هجرى 1167 ميلادى.

وللمبنى بوابة عالية ذات مصراعين خشبيين وتعلو الباب كتابة من ستة اسطر بالخط النسخى وهى تنص على الوقف المحدد للمدرسة.

وصحن المدرسة مربع الشكل رصفت ارضه بالحجر المزى والبازلتى اما الحرم فهو مستطيل سقفه من الخشب وتعلو المدرسة مئذنة بسيطة وقصيرة وفيها تربة فخمة دفن فيها نور الدين وتغطى سطحها زخارف جصية جميلة وقبة التربة من المقرنصات الرائعة ذات الرأس الموشورى وتتالف القبة من تسلسل طبقات من الخلايا الفراغية يحيط بأسفلها قبة مربعة الشكل وتحيط بدائرة القبة ثلاث طبقات من المقرنصات ثم يلى ذلك قمرية لدخول النور والهواء ويلاحظ ان المقرنصات الممثلة فى هذه القبة بشكليها الرئيسيين الاول عبارة عن ورقة مجوفة والثانى رأس هرمى ويستعمل البناء حاليا كمسجد يعرف بمسجد النورية.

تقع فى حى الصالحية الجسر الابيض بدمشق ولايزال البناء يحافظ على وضعه الايوبى الاصيل انشأتها عزيزة الدين خاتون بنت الملك قطب الدين صاحب ماردين وهى زوجة السلطان الملك المعظم عيسى وذلك عام 610 هجرى 1213 ميلادى واوقفتها سنة 624 هجرى 1226 ميلادى ولم تدفن فى وقفها ودفن فيها احد امراء المماليك اسنبك بن اذمر عام 816 هجرى 1413 ميلادى.

بنيت واجهات المدرسة بالحجارة وتقوم المئذنة المربعة فوق الواجهة الغربية على طرفها الشمالى وصحن المدرسة صغير مربع الشكل تتوسطه بركة ماء مربعة والحرم مستطيل جدرانه من الحجر المنحوت وسقفه هرمى مصنوع من الخشب وتحولت المدرسة الى مسجد وينفذ حاليا مشروع لتوسيعه من الجهة الشرقية.

تقع الى الشمال الغربى من الجامع الاموى بدمشق بدأ بتشييدها الملك العادل سيف الدين ابى بكر محمد بن ايوب عام 612 هجرى 1215 ميلادى واتمها ابنه الملك المعظم من بعده ونقل اليها رفات والده عام 619 هجرى 1222 ميلادى ويبدو فى المدرسة فن العمارة الايوبية الرصينة والمتقشفة على اكمل شكل فى هندستها وتخطيطها ويشبه مخططها مدراس حلب الايوبية.

الحرم مستطيل جدرانه من الحجر المنحوت وسقفه هرمى مصنوع من الخشب وتتوسط الواجهة الشرقية بوابة المدرسة المؤدية الى دهليز يطل على صحن المدرسة مربع الشكل الذى تتوسطه بركة ماء.

ويقع المصلى فى جنوب الصحن اما الايوان الكبير فيقع فى شماله وغرفة الاستاذ فى غربه تجاه المدخل وغرف الطلاب فى شرق الطابق الثانى وغربه.

وكانت المدرسة العادلية اول مقر للمتحف الوطنى بدمشق حين تأسيسه عام 1919 ميلادى ثم اصبحت مقرا للمجمع العلمى العربى الى وقت قريب قبل ان ينتقل الى مقره الحالى الجديد.

تقع الى الشمال من الجامع الاموى بدمشق بجوار تربة صلاح الدين انشاها نائب الشام الامير سيف الدين جقمق عام 822 هجرى 1419 ميلادى لتكون خانقاه استراحة وتربة له ولوالدته لكن بناءها لم يكتمل الا عام 1421 ميلادى اوقف لها منشئها اوقافا عديدة وعين لها مدرسين وبقيت ركنا للتعليم حتى الحرب العالمية الثانية ورممت عام 1972 وجعلت مقرا لمتحف الخط العربى.

تعد المدرسة الجقمقية من اجمل المدارس فى زخرفتها وتصميمها وهى تختص بميزات فن المماليك فى العمارة من حيث هندسة البناء وزخرفته اذ ان تصميمها يتبع نظام التعامد ويشتمل على صحن فى وسطه بركة ماء تحيط به اربعة أواوين قائمة على اعمدة ضخمة ذات تيجان منحوتة وفوقها اقواس تحمل قناطر صغيرة مزدوجة مفصولة بزخارف جميلة ليستند السقف اليها.