لكل بلدٍ ولكل شعبٍ زيّه الخاص، ولكل زيٍّ مظهر يختلف به عن الزيّ الآخر، فالشكل يجب أن يتّفق ويتناسب مع البيئة التي يعيش فيها هذا الشعب.
وينطبق الأمر على الشعب الليبي برجاله ونساءئه، حيث أن لكل طرف زياً يلائمه يلبسه في حياته اليومية العادية أو في المناسبات الاجتماعية والأعياد والمواسم، حتى وصل في يومنا هذا إلى قطع تراثية فاخرة تزيّن بها واجهات المحلات، والخزائن لدى بعض الأسر، ويرتفع سعرها ويقل ظهورها، ويصبح اقتناؤها أمراً غير متيسّر إلا لقلّةٍ من الناس ميسوري الحال.
وهذه الأزياء تُصنع من مواد تستخرج من البيئة المحيطة بنا، لتحيكها أنامل ليبية بحرفية وذوق وإبداع.
وحول الملابس التقليدية الليبية وانتشار ظاهرة ارتداء الليبيين للأزياء التقليدية لبعض الشعوب، التقت ليبيا برس مع مجموعة من المواطنين، لتكون آراؤهم متباينة في تأييد أو رفض ذلك.
وقال مصمم الأزياء الليبي وليد الرقيعي، أن هناك فترة ظهر فيها الزيّ المغربي وانتشر انتشاراً كبيراً، حتى أن البعض كان يلبسه في كل المناسبات.
وأضاف الرقيعي أن الزي الهندي انتشر في فترة أخرى، ومانلاحظه الآن هو انتشار للزي الخليجي من عبايات خليجية وغيرها.
وأكد على أن الزيّ الليبي لم يلغَ ولم ينسَ ولم يُحذفْ من قائمة الأزياء الموجودة على الساحة، حيث أنَّ الكثيرات ممّن يرتدنه، يطلبن تصميم أزياء ليبية كالبدلة الكبيرة والصغير، أو أن تُحاك لهم فساتين أفراح بأقمشة ليبية.
وأوضح أن سعرها ليس بالمرتفع كما يعتقد البعض، وبإمكان الجميع أن يقتنوها دون تخوّف من ارتفاع سعرها.
فتيات اليوم
وقال أحد الذين لا يزالون يعملون على "النول" بالمدينة القديمة طرابلس الحاج علي إن زيّ المرأة التقليدي"الردي" لم يعُد مرغوباً لدى فتيات اليوم، وإن الجيل الجديد يعتبر الزي التقليدي شيئا مُكلفا وغيرعملي.
وأضاف "لم يعد يرتديه إلا العجائز من الرجال والنساء، ويقتنيه البعض كي يلبسه في المناسبات،وهناك بعض الشباب يرتدون الزيّ التقليدي كالبدلة العربية يوم الجمعة أو في الأعياد والمناسبات فقط".
وذكر صاحب محل لبيع الزيّ الليبي الرجالي الحاج مصطفى، أن بعضاً من العرسان أو السياح فقط يترددون على المحل، أو إذا كانت إحدى الفتيات تودّ إهداء الزي لـ"شيبانيها أوعريسها يوم الزفاف أو لإرجاع سبات البيان"، فهناك من يعتبر أن هذا اللباس رغم جماليته غير عملي، وسعرالزيّ ذي الجودة العالية غالي الثمن.
وأوضح صاحب إحدى المحلات أحمد، أنَّ من يقوم بشراء هذا الزيّ في وقتنا الحالي فقط الناس ميسوري الحال، لأن ثمنه يشتري عدة أزياء أخرى يمكن أن يرتديها الرجل أو المرأة في حياتهم اليومية، بينما هذا الزي لن يرتديه كلاهما إلا في المناسبات ولبضع ساعاتٍ فقط.
ذهب
وأكد بائع للملابس التقليدية عمر الحاتمين أن البدلة الكبيرة والصغيرة عادةً ما يُصاحبها ارتداء للذهب، والآن في وقتنا الحالي أصبح مُكلف خاصةً وأن المرأة الليبية في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات كانت ترتدي ما يزيد سعره عن 10 آلاف دينار ليبي من الذهب لتتزين به في المناسبات، ما جعل الأمر مُكلفاً لدى البعض، حيث أن الفضة المطلية في الذهب هي البديل الآن لغير القادرين على شراء الذهب، خاصةً بعد ارتفاع أسعاره.
أزياء دخيلة
وقالت بائعة في محل خديجة، لقد أصبح الزيّ الهندي والخليجي يحتل مراتب عالية في الشراء، رغم أنه مّكلف في بعض الأحيان، خاصةً إذا كانت القطعة مُطرّزة أو مُحاكة يدوياً أو مضافاً عليها قطع من الكريستال.
وأوضحت رغم ارتفاع سعرها إلا أن البعض يقولون إنها أكثر عملية من الزيّ التقليدي وأخف من حيث الوزن.
جدّات وأجداد
أمّا الحاجة سعيدة فكان رأيها مختلفاً حيث قالت إن بنات هذا الجيل لا يعجبهم اللباس الليبي الجميل الذي تعودت أمهاتهم وجداتهم على ارتدائ، وهو لباس مريح ويبيّن مدى عراقة وأصالة ليبيا.
وذكرت الحاجة مبروكة بناتي لا يحبذن ارتداء الزيّ القديم "الردي"، لأنهن يفضلّن ارتداء البدلات والفساتين الغربية ومن فوقها العباءة السوداء، التي طغت على بناتنا وأصبح لا يخلو بيت منها.
عباية سوداء
وقالت إحدى الفتيات الدارسات بالجامعة نادية إن"الردي" الليبي جميل ولكنه ليس عملياً مثل العباية، وفي السنوات القريبة الماضية كانت النساء الليبيات لا يخرجن إلا بـ"الفراشية"،التي لا يمكن لبنات اليوم أن يلبسنها للذهاب إلى الدراسة مثلاً، وحتى والدتي أصبحت الآن ترتدي العباية والجلابية لأنها أسهل ومريحة.
وأوضحت أخرى أن شباب وفتيات الجيل الجديد يرتدون اللباس الليبي فقط في المناسبات.
وأضافت أن الزيّ التقليدي ذي الجودة العالية من حيث التصميم والصنع، يصل سعره فوق الألف دينار، أمّا الزيّ الهندي أوالخليجي فأقل من ذلك بكثير.
شباب
وأرجع الشاب محمد سبب عدم ارتدائه للباس الليبي إلى أنه لا يستطيع أن يذهب به إلى العمل، ليس لأنه غيرعملي لكن لأن الآخرين سوف ينظرون له باستغرابٍ وتعجّب.
وأجمع شباب آخرون على أن كل أسرة يجب أن تعود أبناءها وبناتها على ارتداء اللباس الليبي، لما فيه من عراقة وأصالة وتراث، ولأن دول المغرب العربي والخليج لا يرتدي رجالهم ونساءهم إلا زيّهم، وأضافوا أن هذا ما لاحظوه أثناء سفرهم للخارج.
وأنحوا باللائمة على التجار الذين يستوردون في ازياء الشعوب الأخرى، والتي تملأ الأسواق مع رخص أسعارها، وأيضاً استيرادهم لملابس من كل أصقاع الدنيا لا تتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، في الوقت الذي ابتعدوا فيه عن بيع الأزياء الليبية، مما جعلها تُباع في محلات معينة وبأسعار لا تُقارن مع الأخرى رخيصة الثمن، وجعل الخيارات ضيقة أمام شباب وبنات ليبية لاقتنائها وارتدائها.
حرير
وأيّد صاحب محل أزياء تقليدية الحاج إبراهيم، هذا الكلام، موضحاً أن الزيّ الليبي الكامل قد يصل سعره لأكثر من ألف دينار، خاصةً إذا كان مصنوعاً من الحرير ومطرّز بشكلٍ يدوي.
وأضاف لم يعُد هناك الكثير ممّن يصنعون زياً جميلاً، نظراً لتكلفته وعدم الإقبال عليه، كما هذه الحرفة أصبحت مقصورة على بعض كبار السن من الرجال والنساء، وبرحيلهم سوف يندثر الزيّ الليبي تدريجياً، وحتى مصممي مثل هذه الأزياء يُعدَّون على الأصابع.
تقصير
وأوضح المواطن أحمد مفتاح أن هناك تقصيراً من كافة الجهات ذات العلاقة في الدولة تجاه تشجيع صناعة الزي الوطني، حيث لا وجود لمراكز تدريب على الصناعات التقليدية، وإن وجدت فهي لا تجد الدعم المطلوب، وأن سياسة الانفتاح وجعل السوق الليبي مفتوحاً على مصراعيه أمام كل البضائع الوافدة، وفي ظل موجة الغلاء التي تجتاح العالم، أُجبر المواطن الليبي على ترك زيّه الوطني لارتفاع سعره نظراً لندرته، والبحث عن بدائل أرخص مُتمثلة في أزياء الغير والملابس الجاهزة.
وطالب أحمد بتشجيع العودة لارتداء اللباس الليبي، ودعم المصممين لتطويره ليتماشى مع العصر، وتقنين استيراد الملابس من الخارج، بحيث لا يتم استيراد ما يتنافي مع أخلاقنا وشريعتنا، وأيضاً التأكيد على جودة وسلامة المستورد.
بدله كبيرة وصغيرة
وللمرأة في الزيّ الليبي لباسها والمتمثل في البدلة الكبيرة والبدلة الصغيرة، فالبدلة الكبيرة تتكون بما يسمى بـ" القمجة "وهي البلوزة التي تتوفر بألوانٍ مختلفة تتباهى بها النسوة في الأعراس، وكذلك الفستان المنقوش بخيوط الفضة في الجزء العلوي، أمّا الجزء السفلي الذي يغطيه "الردي" فهو من القماش العادي، وعلى هذه "القمجة" ترتدي النسوة ما يُسمَّى بـ"الفرملة" والتي تُلبس في الأعراس يوم "المحضر" وهو اليوم التالي ليوم الزفّة.
وكانت المرأة الليبية سواء أكانت تعيش في المدينة أو خارجها تلبس اللباس اليومي المكوّن من الردي والقفطان و"التسمال" غطاء للرأس، وهي تُصنع عادةً من الأقمشة البسيطة التي يدخل فيها القطن والكتّان، وإذا كانت المرأة ميسورة الحال فتكون هذه الملابس مُصنّعة في بعض الأحيان من الحرير.
ولا تخرج المرأة الليبية سابقاً من بيتها إلا وهي ترتدي "الفراشية"حتى أثناء زيارتها لجاراتها، أمّا في البيت فإنها ترتدي"الردي"، ولا تنزعه إلا وقت النوم.
الزيّ الرجالي
وللرجال أيضاً زيّهم الخاص مثل النساء، والذي أصبح ارتداؤه الآن محصوراً في الأفراح وبعض المناسبات الاحتفالية فقط.
وتتكون البدلة الكبيرة من"البُسكل"، وهو طاقية أٌلحق بها لتجميلها "دنادش" وهي خيوط من الصوف.
و"الزبون" الذي تطوّر إلى ما يعرف بالجاكيت، و"الفرملة" التي يتم ارتداؤها تحت الزبون، وتدخل في زخرفة القطعتين السابقتين من الجهة الأمامية خيوط تُسمّى خيوط " الخرج "، أما الفرملة فتضاف عليها أزرار.
والسروال الذي يتّسم بالاتساع في جزئه العلوي، فيتفق تصميمه في البدلة الكبيرة والصغيرة والعادية.
وللبدلة الصغيرة قُماشه وزينة مُحيطة بها عند الأطراف، ومن ملحقات هذا الزي البرنوس والجبّة، ويتم ارتداء "البلغة"، وهي حذاء تقليدي منقوش مع البدلة الكبيرة أحياناً.
الجرد
والجرد أيضاً من الملابس التي لا يُكاد منزل ليبي يخلو منها، ويُصنع من الصــوف الأبيض الثقيل ويتم ارتداؤه في الشتاء خاصة، في الأيام العادية والمناسبات.
بدلة عربية
كما يرتدي الرجال الليبيون البدلة العربية، والتي مازالت تُحافظ على مكانتها وصامدة في وجه غزو الملابس الأجنبية حتى الآن خاصةً في فصل الصيف، وغالباً ما يتميّز بارتدائها طلاب المنارات الدينية، وخطباء المساجد والوعاظ.
ويرتديها أغلب الليبيين يوم الجمعة ليؤدوا بها الصلاةن وكذلك في المناسبات، وتتميزبألوان مختلفة فمنها الأبيض والأزرق غيرها.
ويبقى الزيّ الليبي من أجمال الأزياء، بألوانه الزاهية ورقيّ وإتقان صنعته
موضوع: الزي الليبي التقليدي 
31/10/2010, 12:34 pm
