عودة الأرض مبدأ لا نقاش فيه
وحول التعويل على تغير نظام الحكم في إسرائيل قال الرئيس الأسد: نحن لا نعول على ذلك طبعاً وهذا خطأ يقع فيه العرب دائماً..فالرهان على هذا يعني الرهان على سيئ وأسوأ.. وفي موضوع الحقوق لا يوجد سيئ وأسوأ.. فالحقوق يجب أن تعود وإن لم يكن هناك جيد فلا رهان.. فاليمين يمين واليسار يمين.. واليمين يقتل العرب واليسار يقتل العرب..فلا قيمة لكل هذه الرهانات..عندما يطرح معناً هذا الموضوع نقول: إن هنالك أسساً لعملية السلام ومن يأت من إسرائيل ضمن هذه الأسس فنحن نتفاوض معه ولا قيمة لليمين..ونحن نراهن على الشروط والأسس التي وضعت لعملية السلام..عودة الأرض كاملة بناء على مرجعية مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام والقرار 242 وعودة الجولان..عودة الأرض هذا مبدأ لا نقاش فيه.
ورداً على سؤال حول حديث الرئيس الأميركي باراك أوباما عن إقامة علاقة ممنهجة مع سورية رأى الرئيس الأسد أن كلمة "ممنهجة" عامة ولكي نقيم الإدارة الأمريكية الجديدة فلابد من أن نسمع كلاماً واضحاً دقيقاً..فحتى الآن لم نسمع الكلام الواضح..نرى بادرات حسن نية جيدة أو نرى مقاربة أكثر قبولاً بالمقارنة مع الإدارة السابقة..ولكن المقاربة لا تكفي..ما السياسة..ما النتائج المتوخاة..ما المصالح التي تحددها الإدارة الأمريكية الجديدة.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن اللقاءات التي حصلت بين سورية وأميركا كلها علنية ونحن ضد أي تعامل سري في سياستنا. ومن المبكر أن نتوقع من الإدارة الجديدة إعلانا عن شيء قبل شهرين أو ثلاثة أشهر "كما هي عادة الإدارات الأمريكية" فهم الآن في مرحلة الاستطلاع..وما أتانا من وفود هي استطلاعية لآفاق الحلول في المنطقة..ومن بعد ستبني الإدارة الأمريكية سياستها بناء على هذه الآفاق.
وحول اطمئنان سورية للوجود الأميركي في العراق لثلاث سنوات قادمة قال الرئيس الأسد: طالما هناك احتلال يجب ألا يكون هناك اطمئنان بغض النظر عن أي إدارة أميركية والشيء الذي نستطيع أن نقول إنه أفضل ويقلل من القلق ويعطي المزيد من الاطمئنان من دون أن نقول إن هناك اطمئنانا كاملاً أو غياباً للقلق هو أن إدارة أوباما أعلنت مبدأ الانسحاب وحددت له الزمن.. هذا شيء مهم جداً لم تقم به الإدارة السابقة وحتى يتم هذا الموضوع هناك جانب آخر لا يطمئن..فما العملية السياسية التي تجلب المزيد من الاستقرار للعراق...لكي نطمئن إلى هذه العملية السياسية داخل العراق يجب أن نسأل أنفسنا سؤالاً: ما المدى الذي سيعطى للعراقيين لكي يديروا شؤونهم بأنفسهم... الجواب هنا يعول عليه..فإذا كانت الأمور تسير بهذا الاتجاه نحو المزيد من الصلاحيات للعراقيين تتيح لهم إدارة أنفسهم فنستطيع أن نقول..إن الأمر يطمئننا.
وحول الاتفاقية الأمنية أوضح الرئيس الأسد أن وزير خارجية العراق زار سورية قبل التصديق عليها وبعد العدوان على البوكمال بأيام وتحدث في هذا الموضوع وقال.. نحن وضعنا بنوداً واضحة تمنع أن يكون العراق من خلال هذه الاتفاقية منطلقا لأي عمل عدواني ضد أي دولة وهذا شيء جيد إذا كان سيطبق.
وحول نظرة سورية إلى الموضوع النووي الايراني في المنطقة قال الرئيس الأسد: إن الجهة التي تسعى إلى المراقبة في حال تخطي الاتفاقية هي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وليس مجلس الأمن.. وبين الدول لا توجد ثقة بل توجد آليات. والآلية موجودة في هذه الاتفاقية.. والمسؤول عن تطبيق الاتفاقية هو الوكالة نحن نتحدث معهم حول قضايا..أما عن كون علاقتنا مع إيران جيدة أو غير جيدة فهذه قضية سيادية وخارج المناقشة..وبالنسبة للملف السوري فإن الأمر ذاته ينطبق..والقضية سياسية ككل القضايا الأخرى.. ونحن كنا شفافين ومازلنا.. ولا يوجد لدينا أي قلق.
العلاقات السورية الأوروبية تتطور بشكل ايجابي
وبشأن التحول في العلاقات السورية الأوروبية رأى الرئيس الأسد أن العلاقات تتطور بشكل إيجابي.. لكن الحقيقة أنها بدأت بشكل بطيء في عام 2006 بعد حرب لبنان والآن أقلعت بشكل كبير وخاصة بعد حرب غزة تحديداً.. ربما حرب غزة العامل الأول أو تغيير الإدارة الأمريكية.. لم تعد هناك إدارة تقول لهم لا تنفتحوا.. لكن هذا الانفتاح مازال في إطار الحديث عن دور أوروبا.
وجواباً عن سؤال حول العلاقات السورية الإماراتية أكد الرئيس الأسد على العلاقة المتميزة بين دولة الإمارات وسورية لافتاً إلى أنها كانت جيدة دائماً لكنها قطعت في السنتين الأخيرتين شوطاً بعيداً عبر زيارات متبادلة بين قيادات البلدين.
وحول عملية الإصلاح في سورية قال الرئيس الأسد: هناك أولويات وتعتمد هذه الأولويات على مرتكزين.. أولهما المعيار الأكثر إلحاحاً بالنسبة إلى الناس وثانيهما.. معيار السرعة وفي أي مجال تستطيع أن تتحرك أسرع.. ونحن نرفض مبدأ الحديث في شؤوننا الداخلية من أي جهة أو منظمة.. وإذا أردنا رؤية الأمور في سياقها العام فنحن نقول: أين هذه المنظمات من 1500 شهيد في غزة... وأين هم من مليون وخمسمئة ألف شهيد عراقي تقريباً كنتيجة لحرب ظالمة... فالمصداقية مضروبة.. وأنا قلت هذا الكلام لمسؤولين أوروبيين كانوا يتحدثون معنا في هذا الموضوع.
وأضاف الرئيس الأسد: في الظروف الصعبة التي مرت بها سورية وهي لم تكن ظروفاً طبيعية باعتراف الكثيرين لو لم يكن لدينا وضع سياسي جيد..هل كنا تجاوزنا هذه الأزمة..إذن الوضع جيد.. وجيد لا يعني أنه ممتاز.. وجيد لا يعني أن المطالب تقف حيث إن عملية التطوير عملية مستمرة كما هو الاقتصاد والتخطيط.
طموحاتنا دائماً متحركة إلى الأمام.. فإذن نحن نقوم بعملية إصلاح ولكن هذه العملية تأثرت وتتأثر بالظروف التي مررنا بها والأولويات تختلف. وحول تطوير القطاع العام السوري وتشكيل هيئة لذلك أوضح الرئيس الأسد أن القطاع العام كبير جداً ونحن قمنا بسياسة دعم القطاع الخاص لكن ليس على حساب القطاع العام. هذه سياستنا في سورية خلال السنوات الماضية. جزء كبير من الاقتصاد السوري يعتمد على القطاع العام..وحين لا تدعم هذا القطاع فأنت تخسر جانباً كبيراً. الحقيقة أننا في هذا الجانب تعثرنا ضمن التعثر الإداري بشكل عام. أنا أقول إننا طورنا في قطاعات مختلفة ولكن أضعف قطاع طورنا فيه هو.. تحديداً.. القطاع الإداري ومن دون الإصلاح الإداري لا نستطيع أن نكافح الفساد فعلياً.
وأضاف الرئيس الأسد: لدينا أفكار كثيرة لتطوير القطاع العام ولكن لا يهم ما البنية وإنما المهم ما مضمون العمل. ونحن دائماً في سورية وربما في الوطن العربي نبحث عن البنى ونهرب من الحل في اتجاه البنية ونأتي ببنية لا تقوم بحل فلا بد من تحديد الخطوات المطلوبة ثم تأتي بنية معينة تكلف بالحل لكن لا يجوز أن نطرح البنية قبل أن نعرف ما الحل والآن نحن نركز على مناقشة الحل أولاً وما الحزمة المطلوبة.
وتابع الرئيس الأسد: هناك تشابكات بالديون وضعف في موضوع الموارد البشرية.. وتراكمات لها علاقة بالدور الاجتماعي للدولة.. ولدينا مؤسسات اقتصادية فيها فائض من العمالة..فهل تنقل هذه العمالة أم ماذا...مضيفاً: نحن نناقش كل هذه التفاصيل وعندما نصل إلى تصور نهائي فلابد من أن تشكل هيئة أو تقوم وزارة الصناعة بهذه المهمة لأن أغلب المؤسسات تتبع هذه الوزارة.
وقال الرئيس الأسد: إن الاتجاهات المختلفة بالنسبة إلى الاقتصاد في سورية كانت بينها فجوة كبيرة.. استقطاب حاد ثم تقلص الاستقطاب فمن كان يدعو إلى الليبرالية المفرطة وانبهر بها اكتشف أنها خطأ فاقترب قليلاً وأصبح أسهل علينا كحكومة أن نرى حلاً وسطاً لكن في الحقيقة كنا سائرين بمبدأين أولهما الدور الاجتماعي للقطاع العام فلا نريد أن نقوم بعملية تحرير اقتصادي على حساب الدور الاجتماعي وخصوصاً أن سورية عدد سكانها كبير نسبة إلى مواردها ولاسيما المائية..في الوقت نفسه فإن عندك تزايداً سكانياً عالياً وبالتالي فإن فكرة الخصخصة لا نستطيع أن ندرسها بشكل اقتصادي بحت بمعزل عن الدور الاجتماعي وإلا دخلنا في أزمات. وأهم عوامل الاستثمار أن يكون لديك استقرار..وكان لدينا هذا التوجه في هذا الإطار.
وختم الرئيس الأسد..أنه مادامت الدولة تقوم بدور مركزي فهي لا يمكن أن تقوم بهذا الدور في حالة عدم وجود ضوابط.. ومادام الموضوع الذي نتكلم عنه من دون ضوابط ومرتبطا بالآثار الاجتماعية فقد كان هكذا من الأساس.. لذلك فالاثار المترتبة على الأزمة لن تؤثر سلباً في سورية وتوجهاتها. لا نقول: إننا سننكمش أكثر بل على العكس يجب أن نبقى منفتحين والدليل أن سوق البورصة "الأسهم" سيتم افتتاحه.