منتديات شلة سوريا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
دخولأحدث الصوربحـثالتسجيلالرئيسية

 

 الكاتب الكبير محمد الماغوط

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4, 5  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:27 am

الكاتب الكبير محمد الماغوط Maghoutte

بطاقة تعريف الكاتب:

ولد عام 1934 في مدينة سلمية التابعة لمحافظة حماه السورية

- يعتبر محمد الماغوط أحد أهم رواد قصيدة النثر في الوطن العربي.

- زوجته الشاعرة الراحلة سنية صالح، ولهما بنتان "شام" وتعمل طبيبة، و"سلافة" متخرجة من كلية الفنون الجميلة بدمشق.

- الأديب الكبير محمد الماغوط واحد من الكبار الذين ساهموا في تحديد هوية وطبيعة وتوجه صحيفة «تشرين» السورية

في نشأتها وصدورها وتطورها، حين تناوب مع الكاتب القاص زكريا تامر على كتابة زاوية يومية ، تعادل في مواقفها صحيفة كاملة في عام 1975 وما بعد، وكذلك الحال حين انتقل ليكتب «أليس في بلاد العجائب» في مجلة«المستقبل» الأسبوعية، وكانت بشهادة المرحوم نبيل خوري (رئيس التحرير) جواز مرور، ممهوراً بكل البيانات الصادقة والأختام الى القارئ العربي، ولاسيما السوري، لما كان لها من دور كبير في انتشار «المستقبل» على نحو بارز وشائع في سورية.



أهم مؤلفات محمد الماغوط

1- حزن في ضوء القمر - شعر (دار مجلة شعر - بيروت 1959 )

2- غرفة بملايين الجدران - شعر (دار مجلة شعر - بيروت 1960)

3- العصفور الأحدب - مسرحية 1960 (لم تمثل على المسرح)

4- المهرج - مسرحية ( مُثلت على المسرح 1960 ، طُبعت عام 1998 من قبل دار المدى - دمشق )

5- الفرح ليس مهنتي - شعر (منشورات اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1970)

6- ضيعة تشرين - مسرحية ( لم تطبع - مُثلت على المسرح 1973-1974)

7- شقائق النعمان - مسرحية

8- الأرجوحة - رواية 1974 (نشرت عام 1974 - 1991 عن دار رياض الريس للنشر)

9- غربة - مسرحية (لم تُطبع - مُثلت على المسرح 1976 )

10- كاسك يا وطن - مسرحية (لم تطبع - مُثلت على المسرح 1979)

11- خارج السرب - مسرحية ( دار المدى - دمشق 1999 ، مُثلت على المسرح بإخراج الفنان جهاد سعد)

12- حكايا الليل - مسلسل تلفزيوني ( من إنتاج التلفزيون السوري )

13- وين الغلط - مسلسل تلفزيوني (إنتاج التلفزيون السوري )

14- وادي المسك - مسلسل تلفزيوني

15- حكايا الليل - مسلسل تلفزيوني

16- الحدود - فيلم سينمائي ( إنتاج المؤسسة العامة للسينما السورية، بطولة الفنان دريد لحام )

17- التقرير - فيلم سينمائي ( إنتاج المؤسسة العامة للسينما السورية، بطولة الفنان دريد لحام)

18- سأخون وطني - مجموعة مقالات ( 1987- أعادت طباعتها دار المدى بدمشق 2001 )

19- سياف الزهور - نصوص ( دار المدى بدمشق 2001)

أعماله الكاملة طبعتها دار العودة في لبنان.

- أعادت طباعة أعماله دار المدى في دمشق عام 1998 في كتاب واحد بعنوان (أعمال محمد الماغوط ) تضمن:

(المجموعات الشعرية: حزن في ضوء القمر، غرفة بملايين الجدران، الفرح ليس مهنتي. مسرحيتا: العصفور الأحدب، المهرج. رواية: الأرجوحة)

- تُرجمت دواوينه ومختارات له ونُشرت في عواصم عالمية عديدة إضافة إلى دراسات نقدية وأطروحات جامعية حول شعره ومسرحه.

توفي في 03/04/2006



عدل سابقا من قبل Rose في 10/4/2009, 6:40 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:34 am

محمد الماغوط.. السخرية هي ذروة الألم...

ذات يوم شتائي بارد ولد محمد الماغوط في مدينة السلمية التابعة لمحافظة حماة السورية في شباط 1934 وكسائر فقراء ذلك الزمان الذين لم تسعفهم الحال للتحصيل العلمي، لذا كانت طفولته على قدر من البؤس والحرمان الذي تمرَّد عليه لاحقاً في القراءة وفي البحث عن أداته لمواجهة الظلم، وربما عثوره على تلك الأداة التي هي الكلمة فتحت أمامه درباً زرع على جنباتها شجرة الباسق، شعراً ومسرحاً وكانت تلك الكلمة كما تقول زوجته سنيّة صالح هي بمقدار ما تكون في الحلم طريقاً نحو الحرية، نجدها في الواقع طريقاً إلى السجن، وهكذا عرف الماغوط مبكراً السجون، وخلف قضبانها بدأ يصوغ نصَّه بمفرده جعلته واحداً من كبار شعراء الحداثة، وكتاب المسرح في عالمنا العربي.

هذا الرجل النسر العتيق الذي جمع حطام الأيام وأقام عزلته خلف جدار مليء بالصور والذكريات، تقرأ على مائدته سيرة شاعر مسكون بالتمرد هذا الرجل الذي يمنحه صوت فيروز أملاً جديداً، لكي تعرفه أكثر سل عنه رفيقة عمره آخر النساء في خيمة حزنه زوجته سنية التي تقول إنه ولد في غرفة مسدلة الستائر اسمها الشرق الأوسط، ومنذ مجموعته الأولى "حزن في ضوء القمر" وهو يحاول إيجاد بعض الكوى أو توسيع ما بين قضبان النوافذ، ليرى العالم ويتنسم بعض الحرية وذروة هذه المأساة هي في إصراره على تغيير هذا الواقع وحيداً، ولا يملك من أسلحة التغيير إلا الشعر، فبمقدار ما تكون الكلمة في الحلم طريقاً إلى الحرية نجدها في الواقع طريقاً إلى السجن، ولأنها - أي الكلمة - كانت دائماً إحدى أبرز ضحايا الاضطرابات السياسية في الوطن العربي، فقد كان هذا الشاعر يرتعد هلعاً إثر كل انقلاب مرّ على الوطن، وفي إحدى هذه الانقلابات خرجت أبحث عنه كان في ضائقة وقد تجره تلك الضائقة إلى السجن أو إلى ما هو أمرّ منه، وساعدني انتقاله إلى غرفة جديدة في إخفائه عن الأنظار. غرفة صغيرة ذات سقف واطئ حشرت حشراً في إحدى المباني بحيث كان على من يعبر عتبتها أن ينحني.. ينحني وكأنه يعبر بوابة ذلك الزمان.

"ضع منديلك الأبيض على الرصيف

واجلس إلى جانبي تحت ضَوْء المطر الحنون

لأبوح لك بسرّ خطير

اصرف أدلاءك ومرشديك

وألق إلى الوحل أو إلى النار بكل ما كتبت من حواشي وانطباعات

إن أي فلاّح عجوز

يروي لك في بيتين من العتابا كل تاريخ الشرق

وهو يدرّج لفَّافَته أمام خيمته

أحب التسكع والبطالة ومقاهي الرصيف ولكنني أحب الرصيف أكثر،

أحب الغابات والمروج اللانهائية ولكنني أحب الخريف أكثر،

أحب الشهيق والزفير ورياضة الصباح

ولكنني أحب السعال والدخان أكثر".



ندم الكتابة

ويعترف الماغوط في برنامج روافد الذي بثته "العربية" أنه لم يندم قط على أي كلمة كتبها، وأن أكثر اللحظات التي شعر بها في الندم في أيام الطفولة مثل أن سرقة "مشمش من البساتين..نسرق دجاج بالنهار.. نسرق دراجات لنركب عليها".

ويعترف كذلك الماغوط للإعلامي "أحمد علي الزين" بابتعاده عن جدلية النصر والهزيمة "القضية لا تكمن عندي في النصر أو الهزيمة، فأنا لا أجيد شيئا سوى الكتابة، أما نتائج المعركة فلست أهتم لها.. لست رجل خطط، ولا اعرف كيف أخطط لشيء ولذلك كنت أفشل عسكري".

ويرى الماغوط أن الكتابة الساخر هي "ذروة الألم" وأن الإنسان الذي يكون جديا على طول الخط هو بالضرورة "
إنسان مريض".

"طفولتي بعيدة..

وكهولتي بعيدة..

وطني بعيد.. ومنفاي بعيد..

أيها السائح أعطني منظارك المقرِّب

علَّني ألمح يداً أو محرمةً في هذا الكون تُوْمِئُ إليَّ

صوِّرني وأنا أبكي وأنا أقعي بأسمالي أمام عتبة الفندق

وأكتب على قفا الصورة هذا شاعرٌ من الشرق".


عاشق القضايا الخاسرة

في شبابه ذهب الماغوط إلى دمشق لدراسة الزراعة ولكن انسحب من هذا الاختصاص رغم تفوقه??? مؤكدا أن اختصاصه هو"الحشرات البشرية" وليس الحشرات الزراعية، وفي هذا الصدد يقول "كان عندي إحساس بأن هناك ثمة غلط تاريخي ينبغي إصلاحه بين البشر ولذلك أنا مع القضايا الخاسرة حتى الموت".

وعند ولوجه سجن المزة بدمشق عام 1955 على خلفية انتمائه السياسي لم يجد الماغوط سوى لفائف السجائر ليكتب عليها مذكراته، واخرجها معه داخل ملابسه الداخلية بعد قبل أن يذهب إلى بيروت؟، حيث وجد نفسه وحيدا وغريبا، كما تقول زوجته الشاعرة الراحلة، وعندما قدمه أدونيس في إحدى اجتماعات مجلة شعر المكتظة بالوافدين، وقرأ له بعض نتاجه الجديد الغريب بصوت رخيم دون أن يُعلن عن اسمه، وترك المستمعين يتخبطون من هذا؟ هل هذا الشعر لبودلير أم لرامبو، ولكن أدونيس لم يلبث أن أشار إلى شاب مجهول غير أنيق أشعث الشعر وقال: والشاعر. لاشك أن تلك المفاجأة قد أدهشتهم، وانقلب فضولهم إلى تمتمات خفيفة. أما هو كنت أراقبه بصمت والكلام لزوجته، فقد ارتبك واشتد لمعان عينيه بلغة هذه التفاصيل، وفي هذا الضوء الشخصي نقرأ غربة محمد الماغوط، ومع الأيام لم يخرج من عزلته بل غيّر موقعها من عزلة
الغريب إلى عزلة الرافض.

" المرأة التي أحلم بها

لا تأكل ولا تشرب ولا تنام

إنها ترتعش فقط

ترتمي بين ذراعيّ وتستقيم

كسيف في آخر اهتزازه".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:40 am

آخر صورة للبدوي الأحمر في دبي

محمد الماغوط: آه .. يا وطن الأسلاك الشائكة والحدود المغلقة.. والشوارع المقفرة والستائر المسدلة

28/03/2006

بقلم: جهاد فاضل

لا تغيب صورة الشاعر محمد الماغوط، وهو يجلس على كرسيه النقال في مدينة دبي، عن ذاكرتي، وبخاصة صورته وهو يجلس على المنبر الى جوار الفائزين مثلا بجوائز سلطان العويس، وصورته الثانية وهو يجلس في غرفته بالفندق.

في الصورة الاولى يحضر الماغوط على كرسيه النقال الى مبنى الجائزة وسط دبي، مع ابن شقيقته محمد الذي يقود الكرسي بنفسه، كما يشرف على امور خاله الصحية لأنه - كما عرف عنه (الماغوط) - طبيب يصعد الماغوط الى المنبر ليجلس على اول كرسي لجهة اليمين (حيث كرسيه النقال بقربه مباشرة) ويجلس الى جانبه الفائزون الاربعة الباقون: ثروت عكاشة من مصر، ومحمد مفتاح من المغرب، وعز الدين المدني من تونس وانطوان زحلان من فلسطين. الجلسة مخصصة لكي يلقي كل من الفائزين الخمسة كلمة تتصل بتجربته وما يريد ان يقوله حول اي امر يشاء.

يبدأ المتحدث الاول عز الدين المدني بالكلام، ليبدأ الماغوط بالتدخين، او لنقل ان الماغوط بدأ يدخن عندما جلس على كرسيه على المنبر. سيجارة اولى ثم سيجارة ثانية. فجأة يطلب من ابن اخته محمد ان يأتي اليه. ينزله محمد من المنبر يساعده كي يستقر على كرسيه النقال ويخرج به من القاعة، على الارجح، او على التأكيد، الى الحمام لقضاء حاجة. من جديد يعود الماغوط ويصعد الى المنبر ويأخذ مكانه. يتابع التدخين ويتابع الفائزون الآخرون رواية تجاربهم ونظارات الماغوط السميكة اللماعة تجول في سماء القاعة. تحدث الجميع الا الماغوط. بدا على عريف الحفل ان لديه تعليمات بتجاوز الماغوط المتعب والمريض وشبه المقعد. لم يعطه الكلام وبدا ان الحفل سينتهي او سينتقل الجميع الى نشاط آخر. فجأة يتحرك الماغوط في مقعده وسط دخان سيجارته ويطلب من 'محمد' ان يعطيه 'الورقة'. اعطاه محمد الورقة، فقرأ الماغوط كلمات جاهزة معدة ليلقيها في الحفل هي التالية:

من يدعوني لافتتاح اي معرض منتظر كمن يدعو الخريف لافتتاح معرض زهور

ومهما كتبت وابدعت في اي مجال

اظل ضيفا عابرا على هذا الوطن الخالد والمفدى

فإلى الوطن الذي ينتظرني

والى المحكمين الذين لا اعرف عنهم اكثر مما اعرف عن مواقع الغيوم

واتجاهاتها دون نظارتي الطبية كل ما املك عدا عكازي وحزني

من قبل قلت: آه لو يتم تبادل الاوطان كالراقصات في الملهى والآن اقول: آه لو يتم تبادل الاسرى مع اوطانهم في كل حرب، لأنني منذ الطفولة وحتى الآن:
كلما تحركت ستارة، سترت اوراقي بيدي كبغي ساعة المداهمة!

أول صورة

انجز الماغوط قراءة ورقته فصفقنا. وتابع الحفل اعماله وتحدث آخرون من جديد. ولكن الماغوط ما ان انهى كلماته حتى طلب من محمد ان يأتي اليه. نزل من كرسيه التي على المنبر ليستقل كرسيه النقال وليغادر معها ومع 'محمد' الى الغرفة رقم 130 في فندق البستان ووتانا في دبي، في حين تابع زملاؤه الكلام.

هذه اول صورة للماغوط في دبي.

صورته الثانية التي لا تغادر مخيلتي في مجلسه في غرفته بالفندق. الماغوط يجلس الى حافة تخته بما يتيسر من لباس بسيط يتدثر به. يجلس ولا يجلس، فهو يتكئ على مساند او مخدات على الفراش وامامه كأسه التي لا تنضب، وفي فمه، او في يده، سيجارة لا تنطفئ، تماما كالكأس التي لا تعرف الامتلاء كما لا تعرف الفراغ. الكأس الملأى تزعج الماغوط فيظل يتعامل معها حتى تفرغ، فإذا فرغت عاد ليملأها من جديد، وهكذا الى ما لا نهاية تماما كسيزيف في الاسطورة اليونانية: يصعد سيزيف ومعه الصخرة السوداء الى اعلى الجبل المسنن فلا تستقر الصخرة بل تتدحرج الى القاع، يلحق سيزيف بها ليصعد معها من جديد، وهكذا حتى انتهاء الدهر، تنفيذا لعقوبة إلهية، في حين ان احدا لا يعرف لماذا يطارد الماغوط كأسه: لا يطيقها وهي ملأى ولا يطيقها وهي فارغة. ويظل هكذا حتى يستولي الكرى على عينيه المتعبتين اللتين اكلتهما الحروف والاوراق.

في الوقت نفسه تقبض اصابع الماغوط بلا ملل على سيجارة يظل يمجها حتى لا يبقى فيها الا مليمات قليلة، يرميها على الارض ويدوسها بحذائه او بمشايته، اعقاب السجائر تنتشر على الارض، او على السجادة، لا فرق، كما تشاهد ايضا في منفضة بقربه.

على وشك المغادرة

وفي الصورتين يبدو الماغوط بجسده الممتلئ، المترهل، وبوجهه الاكثر امتلاء، وكأنه على وشك المغادرة. الى اين؟ الى حيث ترقد 'سنية' زوجته الشاعرة الفاضلة التي تحملته بصبر القديسين قبل ان ترحل وتتركه بعهدة ابنتيه.

وجه ممتلئ، وعينان شاردتان، ونظارتان سميكتان تلمعان من بعيد وتدلان على انهما من اهل الدرجة العالية في ضعف النظر، يخلد الماغوط الى الشراب والى جواره صحافيون يسألونه عن 'التجاوز' و'التخطي'، وكيف عمل على قصيدته، وطورها. كيف اشتغلت على قصيدتك؟ وكيف طورتها؟ وكيف فهمت الحداثة؟

الماغوط يكتفي بتأمل الاسئلة التي تطرح عليه ولا يجيب هو لا يفهم مثل هذه الاسئلة، لم يتجاوز ولم يتخط، ولم يشتغل على تطوير قصيدته، وانما كتبها بدون افتعال، وكما تداعت الى ذهنه، لا يفهم الصحافيون مثل هذه الاجوبة، فقد تعودوا على اسئلة ادونيس وعلى اجوبته في آن. هو لا يطيق ادونيس ولا يحبه ولا يحب بالطبع لا اسئلته ولا اجوبته، ولو ان الماغوط اتبع ادونيس في هذه الاسئلة والاجوبة، لما كان ذلك الشاعر الذي احبه الناس واقبلوا على قراءة شعره ومشاهدة مسرحياته بشغف، بل لكان مجرد شاعر قصيدة نثر ينتقل من ديوان فاشل الى ديوان اكثر فشلا.

الماغوط شاعر متواضع، بسيط، الكلام الذي في قلبه يقوله، لا يعرف النقية، ولا المسايرة، ولا المجاملة، ولا يعرف التمثيل الذي يتقنه غيره يروي بسخرية وقائع ليلة نام فيها في 'البانيو' في منزل يوسف الخال، صاحب مجلة شعر في بيروت وبسخرية ايضا يروي اخبارا عن علاقته بصعلوك آخر، متشرد دائم مثله، هو بدر شاكر السياب الذي تعرف عليه في بيروت.

ثلاث مدن، يقول لك عرفها وعاش فيها واحبها هي السلمية التي ولد فيها وبيروت والشام.

لا يكره النقد ولكنه يكره التجني

لا يوافق على انه يقيم على ضفاف الخطر، فهو يقول انه يقيم في عين الخطر ولكن الحكام في بلاده يتحاشونه لانه نزيه ونظيف قال ان الرئيس حافظ الاسد قال له مرة: 'انت قاس وجارح، ولكنك نظيف'، كما اخبرنا ان زوجة الرئيس حافظ كانت ايضا معجبة بشعره ومسرحياته.

وقال انه لم يكتب يوما لا شعرا موزونا على اسلوب الخليل بن احمد ولا شعرا تفعيليا على اسلوب الشعر العربي الحديث الذي ساد في الخمسينات وكان من شعرائه السياب والبياتي ونازك الملائكة.

وهو لفرط بساطته لا ينعت الشعر المنثور الذي يكتبه بانه شعر بل يقول: نصوص وفي الديوان الاخير الذي صدر له عن دار المدى في دمشق واسمه 'البدوي الاحمر' وقد اهداني نسخة منه في دبي ورد تحت 'البدوي الاحمر' عبارة: (نصوص جديدة) لا غير في حين ان سواه من شعراء قصيدة النثر كانوا يكتبون وبالحرف الكبير: شعر ولكن وسط شكوك كثيرة في حين ان ما يكتبه الماغوط من نصوص تتضمن احيانا شعرا، وتتضمن احيانا اخرى نثرا، وهذا ما لا يزعج الماغوط ابدا، فهو يقول قصيدته ويمشي، تماما كما كان امين الريحاني يقول كلمته.

شاعر متمرد ثائر

في ديوانه الجديد 'البدوي الاحمر' تقول فاطمة النظامي:

جابه الماغوط الجلادين والطغاة بصدره العاري صارخا كمؤذن مجرح الصوت: لا للسلفية، لا للتابو، لا للنفاق لا للبؤس، لا لذلة الحاجة والفقر، لا للركوع والاذعان، لا لترنح الاجساد على اعواد المشانق، لا لتذويب الاجساد بالأسيد، لا لعلب الليل، لا لعمالة الطفولة، لا للعبث بالارض والطبيعة، لا لتحويل البحار والانهار الى مكب للنفايات، لا لمصادرة حريات الشعوب، لا لعصر الجواري والسبايا والدماء، لا لكنس الشوارب وشطف الدماء كل يوم في المعتقلات.

على ان ما انتهى اليه الماغوط كشاعر متمرد ثائر، بدأ به في الواقع فمنذ اول ظهور لقصيدته عام 1959، اعلن الماغوط عن نفسه كشاعر متمرد، الا اننا ومن خلال سيرته الذاتية، نحتار في تصنيفه الابداعي بين شاعر متمرد، ومسرحي سياسي يحرض على الرفض، وسينمائي من نوع آخر.

وعلى الرغم من تأثير قريته 'السلمية' التي ولد فيها في شعره وفي حياته، لكنه ايضا كان ابن دمشق وشاعر أرصفتها، وصعلوك شوارع، وهو اشكالي في العلاقة التي تربطه بالمدينة، وبالتفاصيل الدقيقة التي مازال يذكرها بكل دقة، بما في ذلك الحصى التي تتناثر بين قدميه، بل كل ما يمكن ان يدون في الصالحية حتى الحميدية، ومن الغوطة حتى باب توما، وهو لا يملك الا القصيدة يدخل بها ابواب دمشق، ويحتضن بها عيون الصغار، ويغازل عيون جميلات باب توما.

انتصار للحرية

وهو يمتلك، شأنه شأن الشعراء الكبار، ظرفه الخاص وحركته الخاصة التي قد تكون على الضد من عقارب الساعة لانه هو الماغوط الذي يعلن انه سيخون وطنه، ويثير الشبهات حوله، وتتربص به عيون الدولة، لمحاولة الكشف عن الجهة التي سيخون وطنه لمصلحتها، ولكن اي وطن هو ذلك الذي سيخونه الماغوط علنا وبفخر وبسبق الاصرار والترصد؟ للمرة الأولى تفشل عيون الدولة وتجد ان ما كتبه الماغوط لا علاقة له بالخيانة العظمى ولا الصغرى، انما هو وثيقة مفجعة للتردي العربي الذي نلمسه ايضا في مسرحياته. وهو بهذا الكتاب الاسود الجميل الممتع المؤلم الساخر المرح: 'سأخون وطني'، انما يحاكم به الذين خانوا الوطن بعلمهم او يجهلهم، وهو ينتصر به للحرية، حرية الانسان التي لا مدى لها:

'هل يمكن يا حبيبي ان يقتلني العرب اذا عرفوا في يوم من الايام انني لا احب الا الشعر والموسيقى، ولا اتأمل الا القمر والغيوم النهارية في كل اتجاه؟ او انني كلما استمعت الى السيمفونية التاسعة لبتهوفن، اخرج حافيا الى الطرقات واعانق المارة ودموع الفرح تفيض من عيني'.

ظهر الماغوط للمرة الأولى في بيروت، زمن الستينات، قرويا. وقد غطت سمعته واسمه كل ساحات الشعر والادب. وعاد الى دمشق قرويا ايضا، لكن بامتياز الشعر، شاعر يقاتل باكثر من سلاح ابداعي كل اشكال الظلم، يوظف سلاح الشعر في زمن العولمة والعقول الالكترونية والفيزياء النووية والاسلحة الجرثومية وغير الجرثومية.

تجربة لا تتجزأ

الواقع ان تجربة الماغوط لا تتجزأ، ووعيه برسالته يمتد من ديوانه الأول حتى كلمته الأخيرة عبر كل ما كتب وانتج، لذا نراه يغزو المسرح بمسرحياته، وتغزو مسرحياته كل خشبات المسرح في العالم وصولا حتى الى الولايات المتحدة.

وهو يؤرق كل من يحاول ان يكتب عنه، هو صوفي تارة، وسيريالي تارة أخرى، ثائر، ساخر، عاشق، صامد، وطني، خائن بمفهومه، ساخط، شخصياته كاريكاتيرية، يكتب بلغة متفجرة، وهو باستمرار ذلك القروي الفطري الذي لم يكمل تعليمه المدرسي ليتعلم في سجن المزة وسجون أخرى لاحقا، ومن التسكع في حواري دمشق وبيروت، ومنافي أخرى ليشكل تجربة فريدة امتدت من النصف الثاني من القرن العشرين

أين أجدادي؟

في احد (نصوصه) يتساءل الماغوط: 'اذا كانت مستشفياتنا جيدة فلماذا يستشفي وزير الصحة في الخارج؟' وهذا النص ان لم يكن شعرا، وهو ليس شعرا بالطبع، فإن منزلته لا تقل عن منزلة الشعر.

ومن قبيل ذلك هذا النص من ديوانه سياف الزهور:

آه يا وطن الأسلاك الشائكة والحدود المغلقة

والشوارع المقفرة

والستائر المسدلة

والنوافذ المطفأة

اما من حل وسط بين الكلمة والسيف

بين بلاط الشارع وبلاط السجن

سوى بلاط القبر؟

أيتها الأمة الكذوبة

أين اجدادي الصناديد الكماة

وما الذي يؤخرهم؟

اشارات المرور؟

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:43 am


الوشم


الآن

في الساعة الثالثة من القرن العشرين

حيث لا شيء

يفصل جثثَ الموتى عن أحذيةِ الماره

سوى الاسفلت

سأتكئ في عرضِ الشارع كشيوخ البدو

ولن أنهض

حتى تجمع كل قضبان السجون وإضبارات المشبوهين

في العالم

وتوضع أمامي

لألوكها كالجمل على قارعة الطريق..

حتى تفرَّ كلُّ هراواتِ الشرطة والمتظاهرين

من قبضات أصحابها

وتعود أغصاناً مزهرة (مرةً أخرى)

في غاباتها

أضحك في الظلام

أبكي في الظلام

أكتبُ في الظلام

حتى لم أعدْ أميّز قلمي من أصابعي

كلما قُرعَ بابٌ أو تحرَّكتْ ستاره

سترتُ أوراقي بيدي

كبغيٍّ ساعةَ المداهمه

من أورثني هذا الهلع

هذا الدم المذعور كالفهد الجبليّ

ما ان أرى ورقةً رسميةً على عتبه

أو قبعةً من فرجة باب

حتى تصطكّ عظامي ودموعي ببعضها

ويفرّ دمي مذعوراً في كل اتجاه

كأن مفرزةً أبديةً من شرطة السلالات

تطارده من شريان إلى شريان

آه يا حبيبتي

عبثاً أستردُّ شجاعتي وبأسي

المأساة ليست هنا

في السوط أو المكتب أو صفارات الإنذار

إنها هناك

في المهد.. في الرَّحم

فأنا قطعاً

ما كنت مربوطاً إلى رحمي بحبل سرّه

بل بحبل مشنقة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:45 am


رجل على الرصيف

نُصفُهُ نجوم

ونصفه الآخرُ بقايا وأشجارٌ عاريه

ذلك الشاعرُ المنكفيءُ على نفسه كخيطٍ من الوحل

وراء كل نافذه

شاعرٌ يبكي ، وفتاةٌ ترتعش ،

قلبي يا حبيبةٌ ، فراشةٌ ذهبيه ،

تحوِّم كئيبة أمام نهديك الصغيرين .

***

كنتِ يتيمةً وذات جسدٍ فوَّار

ولأهدابك الصافيةِ ، رائحةُ البنفسجِ البرّي

عندما أرنو إلى عينيك الجميلتين ،

أحلم بالغروب بين الجبال ،

والزوارقِ الراحلةِ عند المساء ،

أشعرُ أن كل كلمات العالم ، طوعَ بناني .

***

فهنا على الكراسي العتيقه

ذاتِ الصرير الجريح ،

حيث يلتقي المطر والحب ، والعيون العسليه

كان فمك الصغير ،

يضطرب على شفتي كقطراتِ العطر

فترتسمُ الدموعُ في عيني

وأشعر بأنني أتصاعد كرائحة الغابات الوحشيه

كهدير الأقدام الحافيةِ في يوم قائظ .

***

لقد كنتِ لي وطناً وحانه

وحزناً طفيفاً ، يرافقني منذ الطفوله

يومَ كان شعرك الغجري

يهيمُ في غرفتي كسحابه ..

كالصباح الذاهب إلى الحقول .

فاذهبي بعيداً يا حلقاتِ الدخان

واخفقْ يا قلبي الجريح بكثره ..

ففي حنجرتي اليوم بلبلٌ أحمرُ يودُّ الغناء

أيها الشارع الذي أعرفه ثدياً ثدياً ، وغيمة غيمه

يا أشجار الأكاسيا البيضاء

ليتني مطرٌ ذهبي

يتساقط على كل رصيفٍ وقبضةِ سوط

أو نسيمٌ مقبلٌ من غابة بعيده

لألملم عطر حبيبتي المضطجعة على سريرها

كطير استوائي حنون

ليتني أستطيع التجول

في حارات أكثرَ قذارة وضجه

أن أرتعشَ وحيداً فوق الغيوم .

***

لقد كانت الشمس

أكثر استدارةً ونعومة في الأيام الخوالي

والسماء الزرقاء

تتسلل من النوافذ والكوى العتيقه

كشرانقَ من الحرير

يوم كنا نأكل ونضاجعُ ونموتُ بحرية تحت النجوم

يوم كان تاريخنا

دماً وقاراتٍ مفروشه بالجثث والمصاحف .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:45 am

وطني

أحب التسكع والبطالة ومقاهي الرصيف

ولكنني أحب الرصيف أكثر

***

أحب النظافة والاستحمام

والعتبات الصقيلة وورق الجدران

ولكني أحب الوحول أكثر.

***

فأنا أسهر كثيراً يا أبي‏

أنا لا أنام‏

حياتي سواد وعبوديّة وانتظار‏

فأعطني طفولتي‏

وضحكاتي القديمة على شجرة الكرز‏

وصندلي المعلّق في عريشة العنب‏

لأعطيك دموعي وحبيبتي وأشعاري

***

المرأة هناك

شعرها يطول كالعشب

يزهر ويتجعّد

يذوي ويصفرّ

و يرخي بذوره على الكتفين

و يسقط بين يديك كالدمع

***

وطني

***

على هذه الأرصفة الحنونة كأمي

أضع يدي وأقسم بليالي الشتاء الطويلة

سأنتزع علم بلادي عن ساريته

وأخيط له أكماماً وأزراراً

وأرتديه كالقميص

إذا لم أعرف

في أي خريف تسقط أسمالي

وإنني مع أول عاصفة تهب على الوطن

سأصعد أحد التلال

القريبة من التاريخ

وأقذف سيفي إلى قبضة طارق

ورأسي إلى صدر الخنساء

وقلمي إلى أصابع المتنبي

وأجلس عارياً كالشجرة في الشتاء

حتى أعرف متى تنبت لنا

أهداب جديدة، ودموع جديدة

في الربيع؟

وطني أيها الذئب الملوي كالشجرة إلى الوراء

إليك هذه "الصور الفوتوغرافية"

***

لماذا تنكيس الأعلام العربية فوق الدوائر الرسمية ،

و السفارات ، و القنصليات في الخارج ، عند كل مصاب ؟

إنها دائما منكسة !

***

اتفقوا على توحيد الله و تقسيم الأوطان

***

((مع تغريد البلابل وزقزقة العصافير

أناشدك الله يا أبي:

دع جمع الحطب والمعلومات عني

وتعال لملم حطامي من الشوارع

قبل أن تطمرني الريح

أو يبعثرني الكنّاسون

هذا القلم سيقودني إلى حتفي

لم يترك سجناً إلا وقادني إليه

ولا رصيفاً إلا ومرغني عليه))
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:46 am

حزن في ضوء القمر

أيها الربيعُ المقبلُ من عينيها

أيها الكناري المسافرُ في ضوء القمر

خذني إليها

قصيدةَ غرامٍ أو طعنةَ خنجر

فأنا متشرّد وجريح

أحبُّ المطر وأنين الأمواج البعيده

من أعماق النوم أستيقظ

لأفكر بركبة امرأة شهيةٍ رأيتها ذات يوم

لأعاقرَ الخمرة وأقرضَ الشعر

قل لحبيبتي ليلى

ذاتِ الفم السكران والقدمين الحريريتين

أنني مريضٌ ومشتاقٌ إليها

انني ألمح آثار أقدام على قلبي .

دمشقُ يا عربةَ السبايا الورديه

وأنا راقدٌ في غرفتي

أكتبُ وأحلم وأرنو إلى الماره

من قلب السماء العاليه

أسمع وجيب لحمك العاري .

عشرون عاماً ونحن ندقُّ أبوابك الصلده

والمطر يتساقط على ثيابنا وأطفالنا

ووجوهِنا المختنقةِ بالسعال الجارح

تبدو حزينةً كالوداع صفراءَ كالسلّ

ورياحُ البراري الموحشه

تنقلُ نواحنا

إلى الأزقة وباعةِ الخبزِ والجواسيس

ونحن نعدو كالخيولِ الوحشية على صفحاتِ التاريخ

نبكي ونرتجف

وخلف أقدامنا المعقوفه

تمضي الرياحُ والسنابلُ البرتقاليه ...

وافترقنا

وفي عينيكِ الباردتين

تنوح عاصفةٌ من النجوم المهروله

أيتها العشيقةُ المتغضّنة

ذات الجسد المغطَّى بالسعال والجواهر

أنتِ لي

هذا الحنينُ لك يا حقوده !

. .

قبل الرحيل بلحظات

ضاجعتُ امرأة وكتبتُ قصيده

عن الليل والخريف والأمم المقهوره

وتحت شمس الظهيرة الصفراء

كنت أسندُ رأسي على ضلْفاتِ النوافذ

وأترك الدمعه

تبرق كالصباح كامرأة عاريه

فأنا على علاقة قديمة بالحزن والعبوديه

وقربَ الغيوم الصامتة البعيده

كانت تلوح لي مئاتُ الصدور العارية القذره

تندفع في نهر من الشوك

وسحابةٌ من العيون الزرقِ الحزينه

تحدقُ بي

بالتاريخ الرابضِ على شفتيّ .

. .

يا نظراتِ الحزن الطويله

يا بقع الدم الصغيرة أفيقي

إنني أراكِ هنا

على البيارقِ المنكَّسه

وفي ثنياتِ الثياب الحريريه

وأنا أسير كالرعد الأشقرِ في الزحام

تحت سمائك الصافيه

أمضي باكياً يا وطني

أين السفنُ المعبأةُ بالتبغ والسيوف

والجاريةُ التي فتحتْ مملكةً بعينيها النجلاوين

كامرأتين دافئتين

كليلة طويلةٍ على صدر أنثى أنت يا وطني

إنني هنا شبحٌ غريبٌ مجهول

تحت أظافري العطريه

يقبعُ مجدك الطاعن في السن

في عيون الأطفال

تسري دقاتُ قلبك الخائر

لن تلتقي عيوننا بعد الآن

لقد أنشدتُكَ ما فيه الكفايه

سأطل عليك كالقرنفلةِ الحمراء البعيده

كالسحابةِ التي لا وطن لها .

. .

وداعاً أيتها الصفحات أيها الليل

أيتها الشبابيكُ الارجوانيه

انصبوا مشنقتي عاليةً عند الغروب

عندما يكون قلبي هادئاً كالحمامه ..

جميلاً كوردةٍ زرقاء على رابيه ،

أودُّ أن أموتَ ملطخاً

وعيناي مليئتان بالدموع

لترتفعَ إلى الأعناق ولو مرة في العمر

فانني مليء بالحروفِ ، والعناوين الداميه

في طفولتي ،

كنت أحلم بجلبابٍ مخططٍ بالذهب

وجواد ينهب في الكرومَ والتلال الحجريه

أما الآن

وأنا أتسكَّعُ تحت نورِ المصابيح

انتقل كالعواهرِ من شارعٍ إلى شارع

اشتهي جريمةً واسعه

وسفينةً بيضاء ، تقلّني بين نهديها المالحين ،

إلى بلادٍِ بعيده ،

حيث في كلِّ خطوةٍ حانةٌ وشجرةٌ خضراء ،

وفتاةٌ خلاسيه ،

تسهرُ وحيدةً مع نهدها العطشان .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:47 am

تبغ وشوراع

شعركِ الذي كان ينبضُ على وسادتي

كشلالٍ من العصافير

يلهو على وساداتٍ غريبه

يخونني يا ليلى

فلن أشتري له الأمشاط المذهبّه بعد الآن

سامحيني أنا فقيرٌ يا جميله

حياتي حبرٌ ومغلفاتٌ وليل بلا نجوم

شبابي باردٌ كالوحل

عتيقٌ كالطفوله

طفولتي يا ليلى .. ألا تذكرينها

كنت مهرجاً ..

أبيع البطالة والتثاؤبَ أمام الدكاكين

ألعبُ الدّحل

وآكل الخبز في الطريق

وكان أبي ، لا يحبني كثيراً ، يضربني على قفاي كالجارية

ويشتمني في السوق

وبين المنازل المتسلخةِ كأيدي الفقراء

ككل طفولتي

ضائعاً .. ضائعاً

أشتهي منضدةً وسفينة .. لأستريح

لأبعثر قلبي طعاماً على الورق

. . .

في البساتين الموحله .. كنت أنظمُ الشعر يا ليلى

وبعد الغروب

أهجر بيتي في عيون الصنوبر

يموت .. يشهق بالحبر

وأجلسُ وحيداً مع الليل والسعال الخافت داخل الأكواخ

مع سحابة من النرجس البرّي

تنفض دموعها في سلال العشبِ المتهادية

على النهر

هدية لباعة الكستناء

والعاطلين عن العمل على جسر فكتوريا .

. . .

هذا الجسرُ لم أره من شهورٍ يا ليلى

ولا أنت تنتظرينني كوردةٍ في الهجير

سامحيني .. أنا فقيرٌ وظمآن

أنا إنسانُ تبغٍ وشوارع وأسمال .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:49 am

خريف الدرع

اشتقت لحقدي النهم القديم

وزفيري الذي يخرج من سويداء القلب

لشهيقي الذي يعود مع غبار الشارع وأطفاله ومشرّديه

*

في الشتاء لا أشرب أيّة زهور أو أعشاب برية في درجة الغليان

بل أنفثها بعيداً إلى ربيع القلب

*

واشتقت لذلك الحنين الفتيّ المشرّد وقد ضاقت به السبل

فيبكي كسيف عجز ولم يشهره أحد ولو للتنظيف منذ آخر معركة

أو استعراض

*

ولتلك الأيام التي كانت الموجة فيها تقترب من البحارة الأغراب

ملثمة كالبدوية المهدور دمها.

*

ولو كان الأمر بيدي لقدمت وسام الأسرة

للصخور، والمشانق، والمقاصل، وساحات الرجم وسياط التعذيب

لاعتقادي بأنها من عائلة واحدة فرّقتها الأيام

*

والدموع الغريبة لا أصدّها

بل أفتح لها عينيّ على اتساعهما

لتأخذ المكان الذي تريد حتى الصباح

وبعد ذلك تمضي في حال سبيلها

فربما كانت لشاعر آخر!.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:50 am

تحت الاحتلال

إنني في رعاية دائمة لا بأس بها

الشمس تحميني من المطر

والمطر من التجول

والتجول من اللصوص

واللصوص من التبذير

*

أزمة المواصلات تحميني من المسرح

والمسرح من الشعر

والشعر من الصحافة

والصحافة من الإهمال

والإهمال من الوحدة

والوحدة من القراء

والقراء من الحب

المرض الوحيد الذي أريد أن أقع فيه دون إسعاف

لأنه يحميني من الوحدة والجوع والعطش والسجون والسياط

والدبابات وكل جيوش العالم.. بعد تسريحها طبعاً!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:51 am



أطلال دارسة

وأنا طريح الفراش بين السيوف والرماح المبعثرة

فلسطين أريد شهدائي

إسرائيل أريد حطامي

أيتها الشواطئ أريد مرساتي

أيتها الصحراء أريد سرابي

أيتها الغابات أريد طيوري

أيها الصقيع أريد جدراني

أيها الشتاء أريد سعالي

أيتها العتبات أريد جدتي

أيتها العواصف أريد أشرعتي

أيها المطربون أريد تصفيقي

أيتها المراجيح أريد أعيادي

يا ملكات الجمال أريد تنهداتي وشهقاتي

أيتها المقابر الجماعية أريد رفاقي

أيها الصحفيون أريد خصوصياتي

أيها الغجر أريد مقتنياتي

أيتها الرياح أريد مذكراتي

أيتها القارات الخمس أريد أبنائي وأحفادي

أيها الله أريد صلواتي

أيها الجيران .. أيتها الذاكرة الإلكترونية:

أريد أوصافي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:52 am

حوار الأمواج

لا أريد أن أكون قذراً ولا معقماً

فلكل من الحالتين تبعاتها.

*

في القرى يدعو الأهل على الولد المشاكس أو قليل الهمة:

لتركض ورغيفك يركض

ولم أكن أعرف أن رغيفي

قد يدخل في سباق "دربي" الشهير

*

أحياناً الصمت أجمل موسيقا في العالم

*

أية أغنية تريدين؟

وعلى أي إيقاع؟

وليس عندي سوى نقرات أصابعي

على قفا الصحون الفارغة

وخوذ الشهداء المجهولين

*

أية رقصة تريدين؟

تانغو؟

قد أعديك بسعالي وزكامي

فأنا مدخن عتيق

وفمي فوهة بركان

*

رقصة الغجر؟

قد أكشف سوء طالعك

بقذف الودع بين الأفاعي والعقارب

ومسروقات العائلة اليومية

*

رقصة البحر؟

نحن وحيدان في زورق نجاة

فلماذا نلفت أنظار البحر إلينا.

*

رقصة الطاووس؟

وهل أبقى شاه إيران أثراً لها

بعد أن قدم لضيوفه في إحدى حفلاته الإمبراطورية

ألف قلب طاووس كمقبلات!

*

رقصة الفالس؟

سنقترب ونبتعد عن بعضنا

ونحن نلوح بالمناديل

كأن كلا منا مسافر في قطار!

وهذا يحتاج إلى تنهدات ونفقات.

*

سامبا.. رامبا؟

إن جسدي لين ومطواع كجسد جين كيلي

في رقصته الشهيرة تحت المطر

ولكن ماذا أفعل بهذا العرج المفاجئ

ولست بايرون لأخوض حرباً أهلية لإخفائه.

*

رقصة الحرب؟

كل شيء إلا هذا...

فاكسسواراتها ولوازمها مكلفة

سيوف، تروس، أوسمة، شعراء، مطربون

كيف أتحمل أعباءها؟

وأنا أحمل سبع هزائم متوالية على ظهري

ونفقات أيتامها وأراملها؟

تكفيني أجرة المقرئين!

*

إذاً لنرقص!

لنجن!

لنقم بأي شيء غير معقول.

- :حتى بيكيت صار متخلفاً وكلاسيكياً في هذه الأيام.

- :إذاً لننتحر!

- :الانتحار حرام!

- :وهل الشقاء حلال؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:53 am

مختارات

عكازك الذي تتكئ عليه‏

يوجع الإسفلت‏

فـ«الآن في الساعة الثالثة من هذا القرن‏

لم يعد ثمة مايفصل جثث الموتى‏

عن أحذية المارة»

*****

ياعتبتي السمراء المشوهة،

لقد ماتوا جميعا أهلي وأحبابي

ماتوا على مداخل القرى

وأصابعهم مفروشة

كالشوك في الريح

لكني سأعود ذات ليلة

ومن غلاصيمي

يفور دم النرجس والياسمين..

*****

مع تغريد البلابل وزقزقة العصافير

أناشدك الله يا أبي:

دع جمع الحطب والمعلومات عني

وتعال لملم حطامي من الشوارع

قبل أن تطمرني الريح

أو يبعثرني الكنّاسون

هذا القلم سيقودني إلى حتفي

لم يترك سجناً إلا وقادني إليه

ولا رصيفاً إلا ومرغني عليه

*****

نحن الجائعون أمام حقولنا..

المرتبكين أمام أطفالنا...

المطأطئين أمام اعلامنا..

الوافدين أمام سفاارتنا..

نحن.......الذي لا وزن لهم إلا في الطائرات

نحن وبر السجادة البشرية التي تفرش أمام الغادي والرائح في هذه المنطقه ...

ماذا نفعل عند هؤلاء العرب من المحيط إلى الخليج ؟

لقد أعطونا الساعات وأخذوا الزمن ،،

أعطونا الأحذية واخذوا الطرقات ،،

أعطونا البرلمانات وأخذوا الحرية ،،

أعطونا العطر والخواتم وأخذوا الحب ،،

أعطونا الأراجيح وأخذوا الأعياد،،

أعطونا الحليب المجفف واخذوا الطفولة ،،

أعطونا السماد الكيماوي واخذوا الربيع ،،

أعطونا الجوامع والكنائس وأخذوا الإيمان ،،

أعطونا الحراس والأاقفال وأخذوا الأمان ،،

أعطونا الثوار وأخذوا الثورة ،،

************

إن تسكنَ وجهكَ موجةٌ

لا تعترف بذنوبها.

أن تدخلَ ثوبَ التشرد،

فيكون تيفالاً لسهرةٍ لكَ في أعالي

البوستر.

أن تستمعَ للوردّ ناطقاً رسمياً

باسم الحرائقِ.

أن تحتسيّ حياتكَ كأساً مع العواصم

والمقاماتِ والقرابين.

أن تجتهدَ

فتصبح حرفاً يمشي

بقوائم المثنى الثلاث الرباع

لتوبيخ التاريخ.

فذاك ما يفسد الأصواتَ في الأجراس.

**

[[ما يؤنسكَ حقاً.. إشاراتُ المرور. فكن على درّاجتك. هناك في الأبد.]]

******************

لقد أعطونا الساعات وأخذوا الزمن ،،

أعطونا الأحذية واخذوا الطرقات ،،

أعطونا البرلمانات وأخذوا الحرية ،،

أعطونا العطر والخواتم وأخذوا الحب ،،

أعطونا الأراجيح وأخذوا الأعياد،،

أعطونا الحليب المجفف واخذوا الطفولة ،،

أعطونا السماد الكيماوي واخذوا الربيع ،،

أعطونا الجوامع والكنائس وأخذوا الإيمان ،،

أعطونا الحراس والأاقفال وأخذوا الأمان ،،

أعطونا الثوار وأخذوا الثورة ،،

***************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:54 am

المصحف الهجري

على هذه الأرصفة الحنونة كأمي

أضع يدي وأقسم بليالي الشتاء الطويله :

سأنتزع علم بلادي عن ساريته

وأخيط له أكماماً وأزراراً

وأرتديه كالقميص

إذا لم أعرف

في أي خريف ٍ تسقط أسمالي .

وإنني مع أول عاصفة تهب على الوطن

سأصعد أحد التلال

القريبة من التاريخ

وأقذف سيفي إلى قبضة طارق

ورأسي إلى صدر الخنساء

وقلمي إلى أصابع المتنبي

وأجلس عارياً كالشجرة في الستاء

حتى أعرف متى تنبت لنا

أهداب جديدة، ودموع جديده

في الربيع ؟

وطني أيها الذئب المتلوي كشجرة إلى الوراء

إليك هذه " الصور الفوتوغرافية"

للمناسف والاهراءات

وهذه الطيور المغردة ، والأشرعة المسافرة

على " طوابع البريد"

إليك هذه الجحافل المنتصره

والجياد الصاهلة على الزجاج المعشق

ووبر السجاد

إليك هذه الأظافر المدّخره

في نهاية الأصابع كأموال اليتامى

بها سأكشط خطواتي عن الأرصفه

سأبتر قدميّ من فوق الكاحلين

وألقي بهما في الأنهار

في صناديق البريد

وأظل أقفز كالجندب

حتى يعود عهد الفروسية

والانذار قبل الطعنه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:55 am

شريعة الغاب

كما كانت الشعوب البدائية تقدم للنيل أجمل عذراء كل صباح

لتفادي غضبه على الصيادين والمزارعين

أريد كل صباح أجمل وطن لتفادي غضبي وثورتي

ثم، الخمر المعتق، محارات الشواطئ، أسماك الجنس، عروق

المرجان، زبيب التسلية، النسيم العليل، نابات الرعاة، أجراس

القطعان، وتعب المساء، ونشاط الفجر، وصلوات المحن، وأدعية

المأزق، هي نفقاتي السرية أبعثرها يميناً وشمالاً وعلى من أريد.

*

ثم المطر.. الضباب، والأشباح مرافقة دائمة لموكبي،

والرعد والبرق فتوة الغيوم الشعبية فوق رأسي،

والشمس والقمر والنجوم كبار القوم أهل الرأي فيها.

*

ثم شروطي للإقامة في أي وطن

أن تتغير حدوده يومياً وعلناً كثياب العرس أو الاستحمام

وأن تعاد كتابة تاريخه بحيث يكون لآبائي وأجدادي اليد

الطولى في البطولات والإنجازات.

وأن تدفن النفايات النووية بكل خشوع وإجلال على الطريقة

الإسلامية وبمرافقة وتلاوة أشهر المقرئين والمنشدين.

أن يعاد الاعتبار لكل تلميذ أو طالب كان ترتيبه الأخير في صفه

وتتدفق الوفود إلى دار ذويه للتهنئة والمباركة، والأكثر غباء يوفد

لمتابعة الدراسة والتحصيل العلمي على نفقة الدولة.

*

وتحسباً لأي هجوم على أي خط دفاعي في الليل

يضاء هذا الخط بالمصابيح والشموع كالكنائس في عيد الميلاد

وأن يصافح المبدعون في أي مجال بالأرجل لا بالأيدي

ويطردون من ديارهم وتصادر أملاكهم ويجردون من جنسياتهم.

*

أعرف أنها شروط تعجيزية...

ولكن لتعرفوا أية شروط تفرضها عليّ القصيدة قبل كتابتها على

صفحاتي المفروشة بالورود والدموع والتوسلات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:55 am

"في المبغى"

من قديم الزمان ،

وأنا أرضعُ التبغَ والعار

أحبُّ الخمرَ والشتائم

والشفاه التي تقبّلْ ماري

ماري التي كانت اسمها أمي

حارّة كالجرب

سمراء كيومٍ طويل غائم

أحبُّها ، أكره لحمها المشبعَ بالهمجية والعطر ،

أربضُ عند عتبتها كالغلام

وفي صدري رغبةٌ مزمنه

تشتهي ماري كجثة زرقاء

تختلج بالحلي والذكريات .

من قديم الزمان .. أنا من الشرق ..

من تلك السهول المغطاةِ بالشمسِ والمقابر

أحب التسكعَ والثيابَ الجميله

ويدي تتلمس عنقَ المرأة البارده

وبين أهدابها العمياء

ألمح دموعاً قديمةً تذكرني بالمطر

والعصافير الميتة في الربيع

كنت أرى قارةً من الصخر

تشهقُ بالألم والحرير

والأذرعِ الهائجة في الشوارع .

فأنتم يا ذوي الأحذية اللامعه

والسلاميات المحشوةِ بالإثم والخواتم

ماذا تعرفون عن ماري الصغيرةِ الحلوه

ذات الوجه الضاحك كقمرٍ من الياسمين

ماذا تعرفون عن لحمها الذي يتجشَّأُ العطر والأصابع

حيث الشفاهُ المقروءةُ الخائفه

تنهمر عليها كالجراد

وهي ترنو إلى الطرقات الحالكه

بعد منتصف الليل

والنوافذ المفروشة بالزجاج والدم

قابعة كالحثالة في أحشاء الشرق

تأكلُ وتنام

وتموت قبلةً إثر قبله

تحلم بملاءةٍ سوداء

ونزهةٍ في شارع طويل

ممتلئٍ بالضجَّة والدفاتر والأطفال

وثغرُها الطافحُ بالسأم

يكدح طيلة الليل لتأكل ماري

الأفران مطفأةٌ في آسيا

والطيورُ الجميلة البيضاء

ترحل دونما عودة في البراري القاحله .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:57 am

المسافر

بلا أمل ..

وبقلبي الذي يخفقُ كوردةٍ حمراءَ صغيره

سأودِّع أشيائي الحزينةَ في ليلةٍ ما ..

بقع الحبر

وآثار الخمرة الباردة على المشمّع اللزج

وصمت الشهور الطويله

والناموس الذي يمصُّ دمي

هي أشيائي الحزينه

سأرحلُ عنها بعيداً .. بعيداً

وراء المدينة الغارقةِ في مجاري السلّ والدخان

بعيداً عن المرأة العاهره

التي تغسل ثيابي بماء النهر

وآلاف العيون في الظلمه

تحدق في ساقيها الهزيلين ،

وسعالها البارد ، يأتي ذليلاً يائساً

عبر النافذةِ المحطَّمه

والزقاقُ المتلوي كحبلٍ من جثث العبيد

سأرحلُ عنهم جميعاً بلا رأفه

وفي أعماقي أحمل لك ثورةً طاغيةً يا أبي

فيها شعبٌ يناضل بالتراب ، والحجارة والظمأ

وعدة مرايا كئيبه

تعكس ليلاً طويلاً ، وشفاهاً قارسةً عمياء

تأكل الحصى والتبن والموت

منذ مدة طويلة لم أرَ نجمةً تضيء

ولا يمامةً تصدحُ شقراء في الوادي

لم أعدْ أشربُ الشاي قرب المعصره

وعصافيرُ الجبال العذراء ،

ترنو إلى حبيبتي ليلى

وتشتهي ثغرها العميقَ كالبحر

لم أعد أجلس القرفصاء في الأزقه

حيث التسكع

والغرامُ اليائس أمام العتبات .

فأرسل لي قرميدةً حمراء من سطوحنا

وخصلةَ شعرٍ من أمي

التي تطبخ لك الحساء في ضوء القمر

حيث الصهيلُ الحزين

وأعراسُ الفجر في ليالي الحصاد

بعْ أقراط أختي الصغيره

وأرسل لي نقوداً يا أبي

لأشتري محبره

وفتاه ألهث في حضنها كالطفل

لأحدثك عن الهجير والتثاؤب وأفخاذ النساء

عن المياهِ الراكدةِ كالبول وراء الجدران

والنهود التي يؤكل شهدُها في الظلام

فأنا أسهرُ كثيراً يا أبي

أنا لا أنام ..

حياتي ، سوادٌ وعبوديةٌ وانتظار .

فأعطني طفولتي ..

وضحكاتي القديمة على شجرةِ الكرز

وصندلي المعلَّقَ في عريشة العنب ،

لأعطيك دموعي وحبيبتي وأشعاري

لأسافرَ يا أبي .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 2:58 am

الشتاء الضائع

بيتنا الذي كان يقطنُ على صفحةِ النهر

ومن سقفه الأصيل والزنبقُ الأحمر

هجرتُه يا ليلى

وتركتُ طفولتي القصيره

تذبلُ في الطرقات الخاويه

كسحابةٍ من الوردِ والغبار

غداً يتساقط الشتاء في قلبي

وتقفز المتنزهاتُ من الأسمالِ والضفائر الذهبيه

وأجهشُ ببكاءٍ حزين على وسادتي

وأنا أرقبُ البهجة الحبيبه

تغادرُ أشعاري إلى الأبد

والضبابُ المتعفّنُ على شاطئ البحر

يتمدَّدُ في عيني كسيلٍ من الأظافرِ الرماديه

حيثُ الرياحُ الآسنه

تزأرُ أمام المقاهي

والأذرعُ الطويلةُ ، تلوحُ خاويةً على الجانبين

يطيبُ لي كثيراً يا حبيبة ، أن أجذبَ ثديك بعنف

أن أفقد كآبتي أمام ثغرك العسلي

فأنا جارحٌ يا ليلى

منذ بدءِ الخليقةِ وأنا عاطلٌ عن العمل

أدخِنُ كثيراً

وأشتهي أقربَ النساء إليّ

ولكم طردوني من حاراتٍ كثيره

أنا وأشعاري وقمصاني الفاقعة اللون

غداً يحنُّ إليّ الأقحوان

والمطرُ المتراكمُ بين الصخور

والصنوبرةُ التي في دارنا

ستفتقدني الغرفات المسنّه

وهي تئنُّ في الصباح الباكر

حيث القطعان الذاهبةُ إلى المروج والتلال

تحنُّ إلى عينيّ الزرقاوين

فأنا رجلٌ طويلُ القامه

وفي خطواتي المفعمةِ بالبؤس والشاعريه

تكمن أجيالٌ ساقطةٌ بلهاء

مكتنزةٌ بالنعاسِ والخيبة والتوتر

فأعطوني كفايتي من النبيذ والفوضى

وحرية التلصلصِ من شقوق الأبواب

وبنيّةً جميله

تقدم لي الورد والقهوة عند الصباح

لأركضَ كالبنفسجة الصغيرةِ بين السطور

لأطلقَ نداءاتِ العبيد

من حناجر الفولاذ .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 3:01 am

جناح الكآبة

مخذولٌ أنا لا أهل ولا حبيبه

أتسكعُ كالضباب المتلاشي

كمدينةٍ تحترقُ في الليل

والحنين يلسع منكبيّ الهزيلين

كالرياح الجميله ، والغبار الأعمى

فالطريقُ طويله

والغابةُ تبتعدُ كالرمح .

. . .

مدّي ذراعيك يا أمي

أيتها العجوزُ البعيدةُ ذات القميص الرمادي

دعيني ألمس حزامك المصدَّف

وأنشج بين الثديين العجوزين

لألمس طفولتي وكآبتي .

الدمعُ يتساقط

وفؤادي يختنق كأجراسٍ من الدم .

فالطفولة تتبعني كالشبح

كالساقطة المحلولة الغدائر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 3:02 am

الرجل الميت

أيتها الجسورُ المحطّمة في قلبي

أيتها الوحولُ الصافيةُ كعيون الأطفال

كنا ثلاثه

نخترق المدينةَ كالسرطان

نجلسُ بين الحقول ، ونسعلُ أمام البواخر

لا وطنَ لنا ولا سياط

نبحثُ عن جريمةٍ وامرأة تحت نور النجوم

وأقدامُنا تخبُّ في الرمال

تفتحُ مجاريرَ من الدم

نحن الشبيبة الساقطه

والرماح المكسورة خارج الوطن

من يعطينا شعبا أبكماً نضربه على قفاه كالبهائم ؟

لنسمعَ تمزُّق القمصان الجميله

وسقسقةَ الهشيم فوق البحر

لنسمعَ هذا الدويّ الهائل

لستةِ أقدام جريحة على الرصيف

حيث مئةُ عام تربضُ على شواربنا المدمَّاة

مئة عام والمطر الحزين يحشرجُ بين أقدامنا .

. . .

بلا سيوفٍ ولا أمهات

وقفنا تحت نور الكهرباء

نتثاءبُ ونبكي

ونقذف لفائفنا الطويلةَ باتجاه النجوم

نتحدثُ عن الحزن والشهوه

وخطواتِ الأسرى في عنقِ فيروز

وغيوم الوطن الجاحظه

تلتفتُ إلينا من الأعالي وتمضي ..

يا ربّ

أيها القمرُ المنهوك القوى

أيها الإلهُ المسافرُ كنهدٍ قديم

يقولون أنك في كل مكان

على عتبة المبغى ، وفي صراخِ الخيول

بين الأنهار الجميله

وتحت ورقِ الصفصاف الحزين

كن معنا في هذه العيون المهشمه

والأصابع الجرباء

أعطنا امرأه شهيه في ضوء القمر

لنبكي

لنسمعَ رحيل الأظافر وأنين الجبال

لنسمعَ صليل البنادق من ثدي امرأة .

ما من أمةٍ في التاريخ

لها هذه العجيزةُ الضاحكه

والعيونُ المليئةُ بالأجراس .

. . .

لعشرين ساقطة سمراء ، نحملُ القمصان واللفائف

نطلّ من فرجات الأبواب

ونرسل عيوننا الدامعة نحو موائد القتلى

لعشرين غرفة مضاءةٍ بين التلال

نتكىءُ على المدافع

ونضع ذقوننا اللامعة فوق الغيوم .

ابتسمْ أيها الرجلُ الميت

أيها الغرابُ الأخضرُ العينين

بلادُك الجميلةُ ترحل

مجدك الكاذبُ ينطفئُ كنيران التبن

فتح ساقيك الجميلتي .. لنمضي ..

لنسرع إلى قبورنا وأطفالنا

المجدُ كلماتٌ من الوحل

والخبزُ طفلةٌ عاريةٌ بين الرياح .

. . .

يا قلبي الجريح الخائن

أنا مزمارُ الشتاء البارد

ووردةُ العار الكبيره

تحت ورق السنديان الحزين

وقفتُ أدخن في الظلام

وفي أظافري تبكي نواقيس الغبار

كنت أتدفقُ وأتلوى

كحبلٍ من الثريات المضيئة الجائعه

وأنا أسير وحيداً باتجاه البحر

ذلك الطفل الأزرق الجبان

مستعداً لارتكاب جريمة قتل

كي أرى أهلي جميعاً وأتحسسهم بيدي

أن أتسكعَ ليلةً واحده

في شوارعِ دمشق الحبيبه .

. . .

يا قلبي الجريح الخائن

في أظافري تبكي نواقيسُ الغبار .

هنا أريد أن أضعَ بندقيتي وحذائي

هنا أريد أن أحرقَ هشيم الحبر والضحكات

أوربا القانية تنزفُ دماً على سريري

تهرولُ في أحشائي كنسرٍ من الصقيع

لن نرى شوارع الوطن بعد اليوم

البواخرُ التي أحبها تبصقُ دماً وحضارات

البواخر التي أحبها تجذبُ سلاسلها وتمضي

كلبوةٍ تجلد في ضوء القمر

يا قلبي الجريح الخائن

ليس لنا إلا الخبز والأشعار والليل

وأنت يا آسيا الجريحه

أيتها الوردةُ اليابسةُ في قلبي

الخبز وحده يكفي

القمح الذهبيُّ التائهُ يملأُ ثدييك رصاصاً وخمرا .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 3:03 am

الليل والأزهار

كان بيتنا غاية في الاصفرار

يموتُ فيه المساء

ينام على أنين القطارات البعيده

وفي وسطه

تنوح أشجارُ الرمَّان المظلمةُ العاريه

تتكسَّر ولا تنتج أزهاراً في الربيع

حتى العصافير الحنونه

لا تغرد على شبابيكنا

ولا تقفز في باحة الدار .

وكنت أحبكِ يا ليلى

أكثر من الله والشوارع الطويله

وأتمنى أن أغمسَ شفتيك بالنبيذ

وألتهمك كتفاحةٍ حمراء على منضده .

. . .

ولكنني لا أستطيع أن أتنهَّدَ بحريه

أن أرفرفَ بك فوق الظلام والحرير

إنهم يكرهونني يا حبيبه

ويتسربون إلى قلبي كالأظافر

عندما أريد أن أسهرَ مع قصائدي في الحانه

يريدونني أن أشهر الكلمه

أمام الليل والجباه السوداء

أن أجلد حروفي بالقملِ والغبار والجرحى

إنني لا أستطيعُ يا حبيبه

وفؤادي ينبضُ بالعيون الشهل

وبالسهرات الطويلة قرب البحر

أن أبني لهم إمبراطورية ترشحُ بالسعالِ والمشانق

أنا طائرٌ من الريف

الكلمة عندي أوزةٌ بيضاء

والأغنيةٌ بستانٌ من الفستق الأخضر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 3:06 am

حريق الكلمات

سئمتك أيها الشعر ، أيها الجيفةُ الخالده

لبنان يحترق

يثب كفرس جريحة عند مدخلِ الصحراء

وأنا أبحثُ عن فتاة سمينه

أحتكُّ بها في الحافله

عن رجلٍ عربي الملامح ، أصرعه في مكانٍ ما .

بلادي تنهار

ترتجفُ عاريةً كأنثى الشبل

وأنا أبحث عن ركنٍ منعزل

وقرويةٍ يائسة ، أغرّر بها .

. . .

يا ربة الشعر

أيتها الداخلةُ إلى قلبي كطعنة السكين

عندما أفكر ، بأنني أتغزَّل بفتاة مجهوله

ببلادٍ خرساء

تأكلُ وتضاجعُ من أذنيها

أستطيع أن أضحك ، حتى يسيل الدم من شفتيَّ

أنا الزهرة المحاربه ،

والنسرُ الذي يضرب فريسته بلا شفقه .

. . .

أيها العرب ، يا جبالاً من الطحين واللذَّه

يا حقول الرصاص الأعمى

تريدون قصيدةً عن فلسطين ،

عن الفتحِ والدماء ؟

أنا رجلٌ غريبٌ لي نهدان من المطر

وفي عينيَّ البليدتين

أربعةُ شعوبٍ جريحة ، تبحث عن موتاها .

كنت جائعاً

وأسمع موسيقى حزينه

وأتقلب في فراشي كدودة القز

عندما اندلعتْ الشرارة الأولى .

. . .

أيتها الصحراء ... إنك تكذبين

لمن هذه القبضةُ الأرجوانيه

والزهرةُ المضمومةُ تحت الجسر ،

لمن هذه القبورُ المنكّسة تحت النجوم

هذه الرمالُ التي تعطينا

في كل عام سجناً أو قصيده ؟

عاد البارحةَ ذلك البطل الرقيق الشفتين

ترافقه الريحُ والمدافع الحزينه

ومهمازه الطويل ، يلمع كخنجرين عاريين

أعطوه شيخاً أو ساقطه

أعطوه هذه النجوم والرمال اليهوديه .

. . .

هنا ..

في منتصف الجبين

حيث مئاتُ الكلمات تحتضر

أريد رصاصةَ الخلاص

يا إخوتي

لقد نسيت حتى ملامحكم

أيتها العيونُ المثيرة للشهوة

أيها الله ...

أربع قاراتٍ جريحة بين نهديّ

كنت أفكر بأنني سأكتسح العالم

بعيني الزرقاوين ، ونظراتي الشاعره .

. . .

لبنان .. يا امرأةً بيضاء تحت المياه

يا جبالاً من النهود والأظافر

إصرخْ أيها الأبكم

وارفعْ ذراعك عالياً

حتى ينفجر الابط ، واتبعني

أنا السفينةُ الفارغه

والريحُ المسقوفة بالأجراس

على وجوه الأمهات والسبايا

على رفات القوافي والأوزان

سأطلق نوافير العسل

سأكتب عن شجرةٍ أو حذاء

عن وردة أو غلام

ارحلْ أيها الشقاء

أيها الطفلُ الأحدبُ الجميل

أصابعي طويلة كالإبر

وعيناي فارسان جريحان

لا أشعارَ بعد اليوم

إذا صرعوك يا لبنان

وانتهت ليالي الشعر والتسكع

سأطلقُ الرصاص على حنجرتي .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 3:07 am

وداع الموج

في المرافئ المزدحمة ، يلهثُ الموج

في قعر السفينة يتوهجُ الخمر

وتُضاء النوافذ ،

والزبد الحريري يرنو إلى الأقدام المتعبه

ويتناثر على الحقائب الجميله

هنا بيتي ، وهناك سروتي وطفلي .

ابتعدي أيتها السفنُ الهرمه ،

يا قبوراً من الأجاص والبغايا

عودي إلى الصحراء المموجه

والقصور التي تفتح شبابيكها للسياط

. . .

إنني أتقدم في ضجة الميناء

أبحث عن محرمة زرقاء وامرأةٍ مهجورة

أرسل نحيبي الصامت

نحو الشارع القديم ، والحديقة المتشابكه

يدي تلوح للنهدين المتألقين تحت الأشجار

للأشعار الميتة في فمي .

. . .

سأبكي بحرارة

يا بيتي الجميل البارد

سأرنو إلى السقف والبحيرة والسرير

وأتلمس الخزانة والمرآة

والثياب البارده

سأرتجفُ وحيداً عند الغروب

والموتُ يحملني في عيونه الصافيه

ويقذفني كاللفافة فوق البحر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 3:10 am

سرير تحت المطر

الحبُّ خطواتٌ حزينةٌ في القلب

والضجرُ خريفٌ بين النهدين

أيتها الطفلة التي تقرع أجراس الحبر في قلبي

من نافذة المقهى ألمح عينيك الجميلتين

من خلال النسيم البارد

أتحسَّسُ قبلاتكِ الأكثر صعوبةً من الصخر .

ظالمٌ أنت يا حبيبي

وعيناك سريران تحت المطر

ترفق بي أيها الالهُ الكستنائي الشعر

ضعني أغنيةً في قلبك

ونسراً حول نهديك

دعني أرى حبك الصغير

يصدحُ في الفراش

أنا الشريدُ ذو الأصابع المحرقه

والعيونُ الأكثر بلادة من المستنقع

لا تلمني إذا رأيتني صامتاً وحزيناً

فإنني أهواك أيها الصنمُ الصغير

أهوى شعرك ، وثيابك ، ورائحة زنديك الذهبيتين .

. . .

كن غاضباً أو سعيداً يا حبيبي

كن شهياً أو فاتراً ، فإنني أهواك .

يا صنوبرةً حزينة في دمي

من خلال عينيك السعيدتين

أرى قريتي ، وخطواتي الكئيبة بين الحقول

أرى سريري الفارغ

وشعري الأشقر متهدلاً على المنضده

كن شفوقاً بي أيها الملاك الوردي الصغير

سأرحلُ بعد قليل ، وحيداً ضائعاً

وخطواتي الكئيبه

تلتفت نحو السماء وتبكي .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Rose
:: عضو vip ::
:: عضو vip ::
Rose


انثى
عدد المساهمات : 10370
العمل/الترفيه : بتقصد الشغل يعني؟؟؟
المزاج : عاى الحشيشة
علم الدولة : الكاتب الكبير محمد الماغوط SyriaC
مزاجك اليوم : الكاتب الكبير محمد الماغوط 8010
المهنة : الكاتب الكبير محمد الماغوط Broadc10
الهواية : الكاتب الكبير محمد الماغوط Sports10
السٌّمعَة : 13
نقاط : 1073
تاريخ التسجيل : 08/03/2008

الكاتب الكبير محمد الماغوط Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكاتب الكبير محمد الماغوط   الكاتب الكبير محمد الماغوط Icon_minitime20/12/2008, 3:11 am

القتل

ضع قدمك الحجريةَ على قلبي يا سيدي

الجريمةُ تضرب باب القفص

والخوفُ يصدحُ كالكروان

ها هي عربةُ الطاغية تدفعها الرياح

وها نحن نتقدم

كالسيف الذي يخترقُ الجمجمه .

. . .

أيها الجرادُ المتناسلُ على رخام القصور والكنائس

أيتها السهولُ المنحدرة كمؤخرة الفرس

المأساةُ تنحني كالراهبه

والصولجان المذهَّبُ ينكسر بين الأفخاذ .

كانوا يكدحون طيلة الليل

المومساتُ وذوو الأحذية المدبَّبه

يعطرون شعورهم

ينتظرون القطار العائد من الحرب .

قطار هائل وطويل

كنهر من الزنوج

يئن في أحشاءِ الصقيع المتراكم

على جثث القياصرة والموسيقيين

ينقل في ذيله سوقاً كاملاً

من الوحل والثياب المهلهله

ذلك الوحل الذي يغمرُ الزنزانات

والمساجد الكئيبة في الشمال

الطائرُ الذي يغني يُزجُّ في المطابخ

الساقيةُ التي تضحك بغزاره

يُربَّى فيها الدود

تتكاثرُ فيها الجراثيم

كان الدودُ يغمر المستنقعات والمدارس

خيطان رفيعة من التراب والدم

وتتسلَّق منصّاتِ العبودية المستديره

تأكل الشاي وربطات العنق ، وحديد المزاليج

من كل مكان ، الدود ينهمرُ ويتلوى كالعجين ،

القمحُ ميت بين الجبال

وفي التوابيت المستعمله كثيراً

في المواخير وساحات الإعدام

يعبئون شحنه من الأظافر المضيئه إلى الشرق

وفي السهول التي تنبع بالحنطة والديدان ...

حيث الموتى يلقون على المزابل

كانت عجلاتُ القطار أكثر حنيناً إلى الشرق ،

يلهث ويدوي ذلك العريسُ المتقدم في السن

ويخيط بذيله كالتمساح على وجه آسيا .

كانوا يعدّون لها منديلاً قانياً

في أماكنِ التعذيب

ومروحةً سميكةً من قشور اللحم في سيبريا ،

كثير من الشعراء

يشتهون الحبر في سيبريا .

. . .

البندقيةُ سريعةٌ كالجفن

والزناد الوحشي هاديءٌ أمام العينين الخضراوين

ها نحن نندفع كالذباب المسنّن

نلوِّحُ بمعاطفنا وأقدامنا

حيث المدخنةُ تتوارى في الهجير

وأسنان القطار محطّمة في الخلاء الموحش

الطفلةُ الجميلةُ تبتهل

والأسيرُ مطاردٌ على الصخر .

أنامُ وعلى وسادتي وردتان من الحبر

الخريفُ يتدحرج كالقارب الذهبي

والساعات المرعبه تلتهبُ بين العظام

يدي مغلقة على الدم

وطبقةٌ كثيفة من النواح الكئيب

تهدر بين الأجساد المتلاصقة كالرمل

مستاءةً من النداء المتعفّن في شفاه غليظه

تثير الغثيان

حيث تصطكُّ العيونُ والأرجل

وأنين متواصل في مجاري المياه

شفاه غليظة ورجال قساة

انحدروا من أكماتِ العنف والحرمان

ليلعقوا ماء الحياة عن وجوهنا

كنا رجالاً بلا شرفٍ ولا مال

وقطعاناً بربرية تثغو مكرهة عبر المآسي

هكذا تحكي الشفاه الغليظةُ يا ليلى

أنت لا تعرفينها

ولم تشمي رائحتها القويةَ السافله

سأحدثك عنها ببساطة وصدق وارتياح

ولكن

ألاَّ تكوني خائنة يا عطورَ قلبي المسكين

فالحبر يلتهب والوصمةُ ترفرف على الجلد .

. . .

غرفتي مطفأةٌ بين الجبال

القطيع يرفع قوائمه الحافيه

والأوراق المبعثرة تنتظر عندليبها

وندلفُ وراء بعضنا إلى المغسله

كجذوع الأشجار يجب أن نكون

جواميس تتأملُ أظلافها حتى يفرقع السوط

نمشي ونحن نيام

غفاة على البلاط المكسو بالبصاق والمحارم

نرقد على بطوننا المضروبة بأسلاك الحديد

ونشرب الشاي القاحلَ في هدوءٍ لعين

وتمضي ذبابة الوجود الشقراء

تخفقُ على طرف الحنجره

كنا كنزاً عظيماً

ومناهلَ سخيه بالدهن والبغضاء

نتشاجرُ في المراحيض

ونتعانق كالعشاق .

. . .

اعطني فمك الصغير يا ليلى

اعطني الحلمةَ والمدية اننا نجثو

نتحدثُ عن أشياء تافهه

وأخرى عظيمة كالسلاسل التي تصرُّ وراء الأبواب

موصدة .. موصدة هذه الأبواب الخضراء

المنتعشة بالقذاره

مكروهة صلده

من غماماتِ الشوق الناحبة أمامها

نتثاءبُ ونتقيأُ وننظر كالدجاجِ إلى الأفق

لقد مات الحنان

وذابت الشفقة من بؤبؤ الوحشِ الانساني

القابعِ وراء الزريبه

يأكل ويأكل

وعلى الشفة السفلى المتدلية آثار مأساة تلوح

أمي وأبي والبكاء الخانق

آه ما أتعسني إلى الجحيم أيها الوطن الساكن في قلبي

منذ اجيال لم أرَ زهره .

. . .

الليالي طويله والشتاءُ كالجمر

يومٌ واحد

وهزيمةٌ واحدة للشعب الأصفر الهزيل

انني ألمس لحيتي المدبَّبه

أحلم براحة الأرض وسطوح المنازل

بفتاةٍ مراهقةٍ ألعقها بلساني

السماء زرقاء

واليد البرونزيةُ تلمس صفحة القلب

الشفاهُ الغليظةُ تفرز الأسماء الدمويه

وأنا مستلقٍ على قفاي

لا أحدَ يزورني أثرثرُ كالأرمله

عن الحرب ، والأفلام الخليعة ، ونكران الذات

والخفير المطهَّم ، يتأمل قدميَ الحافيتين

وقفتُ وراء الأسوار يا ليلى

أتصاعد وأرتمي كأنني أجلس على نابض

وقلبي مفعمٌ بالضباب

ورائحة الأطفال الموتى

إن أعلامنا ما زالت تحترقُ في الشوارع

متهدلة في الساحات الضاربة إلى الحمره

كنت أتساقط وأحلم بعينيك الجميلتين

بقمصانك الورديه

والهجير الضائع في قبلاتكِ الأخيره

مرحباً بكِ ، بفمك الغامقِ كالجرح

بالشامة الحزينة على فتحةِ الصدر

أنا عبدٌ لك يا حبيبه

ترى كيف يبدو المطر في الحدائق ؟

ابتعدي كالنسيم يا ليلى

يجب ألا تلتقي العيون

هرم الانحطاطِ نحن نرفعه

نحن نشكُّ راية الظلم في حلقاتِ السلاسل

بالله لا تعودي

شيءٌ يمزقني أن أراهم يلمسونك بغلظه

أن يشتهوك يا ليلى

سألكمُ الحديد والجباه الدنيئه

سأصرخُ كالطفل وأصيح كالبغي

عيناكِ لي منذ الطفولة تأسرانني حتى الموت .

. . .

انطفأَ الحلم ، والصقرُ مطاردٌ في غابته

لا شيء يذكر

إننا نبتسمُ وأهدابنا قاتمةٌ كالفحم

هجعت أبكي أتوسَّل للأرض الميتة بخشوع

أوّاه لِم زرتني يا ليلى ؟

وأنت أشدُّ فتنةً من نجمة الشمال

وأحلى رواءً من عناقيد العسل

لا تكتبي شيئاً سأموتُ بعد أيام

القلبُ يخفق كالمحرمه

ولا تزال الشمس تشرق ، هكذا نتخيل

إننا لا نراها

على حافة الباب الخارجي

ساقيةٌ من العشب الصغير الأخضر

تستحمُّ في الضوء

وثمة أحذية براقة تنتقل على رؤوس الأزهار

كانت لامعة وتحمل معها رائحة الشارع ، ودور السينما

كانت تدوس بحريه

ووراء الباب الثالث

يقومُ جدارٌ من الوهم والدموع

جدار تنزلق من خلاله رائحة الشرق

الشرق الذليل الضاوي في المستنقعات

آه ، إنَّ رائحتنا كريهه

إننا من الشرق

من لك الفؤاد الضعيف البارد

إننا في قيلولةٍ مفزعةٍ يا ليلى

لقد كرهتُ العالم دفعة واحده

هذا النسيجَ الحشريَ الفتاك

وأنا أسير أمام الرؤوس المطرقة منذ شهور

والعيون المبلَّلة منذ بدء التاريخ

ماذا تثير بي ؟ لا شيء

إنني رجلٌ من الصفيح

أغنية ثقيلة حادة كالمياه الدفقه

كالصهيل المتمرد على الهضبه .

هضبة صفراء ميتة تشرق بالألم والفولاذ

فيها أكثرُ من ألف خفقة جنونية

تنتحبُ على العتبات والنوافذ

تلتصقُ بأجنحة العصافير

لتنقل صرخةَ الأسرى وهياج الماشيه

من نافذة قصرك المهدمة ، ترينها يا ليلى

مرعبة ، سوداء في منتصف الليل

ومئات الأحضان المهجورة تدعو لفنائها

وسقوطِ هامتها

وردمها بالقشِّ والتراب والمكانس

حتى لو قدِّر للدموع الحبيسة بين الصحراء والبحر

أن تهدرَ أن تمشي على الحصى

لازالتها تلك الحشرةُ الزاحفةُ إلى القلب

بالظلم والنعاس يتلاشى كل أثر

بالأنفاس الكريهه

والأجساد المنطوية كالحلزونات

بقوى الأوباش النائمة بين المراحيض

سنبني جنينة للأطفال

وبيوتاً نظيفه ، للمتسكعين وماسحي الأحذيه .

. . .

أتى الليل في منتصف أيار

كطعنةٍ فجائية في القلب

لم نتحركْ

شفاهنا مطبقةٌ على لحن الرجولة المتقهقر

في المقصورات الداخلية ثمة عويل يختنق

ثمة بساطة مضحكة في قبضة السوط

الأنوارُ مطفأة .. لماذا ؟

القمرُ يذهب إلى حجرته

وشقائق النعمان تحترق على الاسفلت

قشٌّ يلتهبُ في الممرات

وصريرُ الحطب يئنُّ في زوايا خفيه

آلاف العيون الصفراء

تفتِّشُ بين الساعات المرعبة العاقة

عن عاهرةٍ ، اسمها الانسانية

والرؤوس البيضاء ، مليئة بالأخاديد

يا رب تشرق الشمس ، يا إلهي يطلع النجم

دعه يغني لنا إننا تعساء

عذبْنا ما استطعت

القملُ في حواجبنا

وأنت يا ليلى لا تنظري في المرآة كثيراً

أعرفك شهيةً وناضجه

كوني عاقلة وإلا قتلتك يا حبيبه .

. . .

لتشرق الشمس

لتسطع في إلية العملاق

الحدأة فوق الجبل

الغربةُ جميلةٌ ، والرياحُ الزرقاء على الوساده

كانت لها رائحة خاصه

وطعم جيفيّ حار ، دعه

ملايين الابر تسبح في اللحم .

. . .

أين كنتَ يوم الحادثه ؟

كنت ألاحقُ امرأةً في الطريق يا سيدي

طويلةً سمراء وذات عجيزة مدملجه

إنني الوحيد الذي يمرُّ في الشارع دون أن يحييه أحد

دعني لا أعرف شيئاً

اطلقْ سراحي يا سيدي أبي مات من يومين

ذاكرتي ضعيفه ، وأعصابي كالمسامير .

. . .

أنا مغرمٌ بالكسل

بعدة نساءٍ على فراشٍ واحد

الجريمة تعدو كالمهر البري

وأنا مازلت ألعقُ الدم المتجمدَ على الشفة العليا

مالحاً كان ، من عيوني يسيل

من عيون أمي يسيل

سطّحوه على الأرض

الأشرعة تتساقط كالبلح

لقد فات الأوان

إنني على الأرض منذ أجيال

أتسكع بين الوحوش والأسنان المحطمه

أضربه على صدره إنه كالثور

سفلَه ، دعني آكل من لحمه

بشدةٍ كان الألم يتجه في ذراعي

بشدة ، بشدة ، نحن عبيد يا ليلى

كنت في تلك اللحظه

أذوق طعم الضجيج الانساني في أقسى مراحله

مئات السياط والأقدام اليابسه

انهمرتْ على جسدي اللاهث

وذراعي الممددة كالحبل

كنت لا أميّزُ أيَّ وجهٍ من تلك الوجوه

التي نصادفها في السوق والباصات والمظاهرات

وجوهٌ متعطشةٌ نشوى

على الصدر والقلب كان غزالُ الرعب يمشي

بحيرة التماسيح التي تمرُّ بمرحلة مجاعه

مجاعة تزدردُ حتى الفضيله

والشعورَ الالهي المسوَّس

لقد فقدنا حاسة الشرف

أمام الأقدام العاريةِ والثياب الممزقه

أمام السياط التي ترضعُ من لحم طفلةٍ بعمر الورد

تجلد عاريةً أمام سيدي القاضي

وعدة رجال ترشحُ من عيونهم نتانةُ الشبق

والهياجُ الجنسي

وجوه طويلة كقضبان الحديد

تركتني وحيداً في غرفة مقفلةٍ ، أمضغ دمي

وأبحث عن حقد عميق للذكرى .

النجيع ينشدُّ على طرف اللسان

والغرابُ ينهض إلى عشّه

الألمُ يتجول في شتى الأنحاء

والمغيص يرتفع كالموج حتى الهضبه

كادت تنسحب من هذا النضال الوحشي

من هذا المغيص المروع

رأسي على حافة النافوره

وماؤها الفضي يسيلُ حزينا على الجوانب

من وراء المياه والمرمر

يلوحُ شعرُ قاسيون المتطاير مع الريح

وغمامةٌ من المقاهي

والحانات المغرورقة بالسكارى

تلوح بنعومة ورفقٍ عبر السهول المطأطئة الجباه

لم يعد يورقُ الزيتون

ولم تدرْ المعاصر ، كلهم أذلاء

وأضلاعي تلتهبُ قرب البحيره

إنها تسقي الزهور ، أنا عطشان يا سيدي

في أحشاء الصحراء

أنقذني يا قمر أيار الحزين .

. . .

استيقظي أيتها المدينة المنخفضه

فتيانك مرضى ،

نساؤك يجهضن على الأرصفه

النهد نافر كالسكين

أعطني فمك ، أيتها المتبرجةُ التي تلبس خوذه

. . .

بردى الذي ينساب كسهلٍ من الزنبق البلوري

لم يعد يضحك كما كان

لم أعد أسمع بائع الصحف الشاب

ينادي عند مواقف الباصات

الحرية منقوشةٌ على الظهر

واللجام مليءٌ بالحموضه .

ضعْ قدمك الحجريةَ على قلبي يا سيدي

الريحُ تصفر على جليد المعسكرات

وثمة رجل هزيل ، يرفع ياقته

يشرب القهوه

ويبكي كإمرأةٍ فقدت رضيعها

دعْ الهواء الغريب

يكنس أقواسَ النصر ، وشالات الشيوخ والراقصات

إنهم موتى

حاجز من الأرق والأحضان المهجوره

ينبت أمام الخرائب والثياب الحمراء

وفاه ذئابٍ القرون العائدة بلا شاراتٍ ولا أوسمه

تشقَّ طريقها على الرمال البهيجة الحاره

لا شيء يُذكر الأرض حمراء

والعصافير تكسر مناقيرها على رخام القصر .

وداعا ، وداعاً اخوتي الصغار

أنا راحلٌ وقلبي راجعٌ مع دخان القطار .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الكاتب الكبير محمد الماغوط
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 5انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4, 5  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» رسالة الكاتب الكبير غابرييل غارسيا ماركيز
» جزء من {سأخون وطني } محمد الماغوط
» الشاعر الكبير ,,, عمر أبو ريشه
» مجموعة من روايات الكاتب احسان عبد القدوس
» مختارات من الكاتب العالمي william shakespeare

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات شلة سوريا :: ¨¨°؛©o.,,.o©؛°¨¨°؛© المــــنـتـدى الأدبـــي ©؛°¨¨°؛©o.,,.o©؛°¨¨ :: المكتبة الادبية-
انتقل الى: